الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: أن يَكونَ المُبرَأُ مِنه مَوجودًا عِندَ الإبراءِ


يُشتَرَطُ أن يَكونَ المُبرَأُ مِنه مَوجودًا عِندَ الإبراءِ، فلا يَصِحُّ الإبراءُ مِنَ الحَقِّ قَبلَ وُجودِه [318] كأن يُبرِئَه عَنِ الثَّمَنِ قَبلَ البَيعِ، أو يُبرِئَه عَنِ القَرضِ قَبلَ أن يَستَقرِضَه. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [319] ((المبسوط)) للسرخسي (5/164) و(14/90)، ((العناية)) للبابرتي (9/379). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/16). ، والمالِكيَّةِ [320] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/44)، ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (2/252)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/316)، ((منح الجليل)) لعليش (3/466). ، والشَّافِعيَّةِ [321] ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/10)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/397)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/483) و (3/231). ، والحَنابِلةِ [322] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/96)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/305)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/393). .
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عَن أبيه، عَن جَدِّه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا نَذرَ لابنِ آدَمَ فيما لا يَملِكُ، ولا عِتقَ له فيما لا يَملِكُ، ولا طَلاقَ له فيما لا يَملِكُ)) [323] أخرجه من طرقٍ: أبو داود (2190)، والترمذي (1181) واللفظ له، وابن ماجه (2047) مختصَرًا. صحَّحه الترمذي، وقال النووي في ((المجموع)) (9/262): حسَنٌ أو صحيحٌ، وحسَّنه الخطَّابي في ((معالم السنن)) .(3/207) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على أنَّ الإبراءَ قَبلَ وُجوبِ الحَقِّ لا يَقَعُ؛ لأنَّه في مَعنى طَلاقِ وعِتقِ ما لا يَملِكُ [324] يُنظر: ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (6/342)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/305). .
ثانيًا: لأنَّ الإبراءَ إسقاطٌ للحَقِّ الواجِبِ، وهو يَستَدعي تَقدُّمَ الوُجوبِ [325] يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (4/16). .
ثالثًا: لأنَّ الإبراءَ قَبلَ وُجودِ الحَقِّ يَكونُ لَغوًا؛ لأنَّه مَعدومٌ [326] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (14/90)، ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (2/252). .

انظر أيضا: