الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: مَنعُ المُفلَّسِ منَ التَّصَرُّفِ في مالِه


إذا حُجِرَ على المُفلَّسِ ترَتَّب على ذلك مَنعُه منَ التَّصَرُّفِ في مالِه [516] وذلك مِثلُ: البَيعِ والشِّراءِ والتَّأجيرِ، والتَّبَرُّعاتِ كالهبةِ أوِ الصَّدَقةِ أوِ الوَقفِ أوِ الكَفالةِ، وأمَّا التَّصَرُّفاتُ غَيرُ الماليَّةِ فلا يُمنَعُ منها، مِثلُ: الطَّلاقِ والقِصاصِ والعَفوِ عن قِصاصٍ أو حَدٍّ ممَّا ليس فيه مالٌ، أو تَصَرُّفٍ يَتَعلَّقُ بذِمَّتِه بَعدَ فكِّ الحَجْرِ. حتى يؤدِّيَ حَقَّ الغُرَماءِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ في الجُملةِ: المالِكيَّةِ [517] يَرى المالكيَّةُ أنَّه إذا تَصَرَّف أنَّه يُوقَفُ تَصَرُّفُه على نَظَرِ الحاكِمِ أوِ الغُرَماءِ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/342)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/265،262)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (6/16-21). ، والشَّافِعيَّةِ [518] يَرى الشَّافِعيَّةُ أنَّ الحَجْرَ يَمنَعُه منَ التَّصَرُّفِ في مالِه الحاضِرِ أوِ الذي يَكتَسِبُه أثناءَ الحَجْرِ، وأمَّا تَصَرُّفاتُه في نَحوِ بَيعٍ أو تَبَرُّعٍ فمَوقوفةٌ، ولا يَنفُذُ إلَّا إذا فضَل عن حَدِّ قَضاءِ دُيونِه. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/124)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/315). ، والحنابِلةِ [519] ((الإنصاف)) للمرداوي (5/272)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/423). ، وقَولُ أبي يوسُفَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ من الحَنَفيَّةِ [520] ويَرَيانِ -أبو يوسُفَ ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ- أنَّ المَنعَ منَ التَّصَرُّفِ يَكونُ في المالِ الذي في يَدِه عِندَ الحَجْرِ إلَّا إذا باعَ بثَمَنِ المِثلِ فينفُذُ؛ لأنَّه لحَقِّ الغُرَماءِ، أمَّا ما يَكتَسِبُه بَعدَ الحَجْرِ فيَنفُذُ فيه تَصَرُّفُه. ((المبسوط)) للسرخسي (24/143)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (11/116). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: تعَلُّقُ حَقِّ الغُرَماءِ بمالِه كالرَّهنِ [521] يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/315). .
ثانيًا: لأنَّه مَمنوعٌ منَ التَّبَرُّعِ لحَقِّ الغُرَماءِ، فلم ينفُذْ [522] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/423). .

انظر أيضا: