الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ القِمارِ


القِمارُ حَرامٌ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 90-91] .
أوْجهُ الدَّلالةِ:
تَضَمَّنَت هذه الآياتُ ذِكرَ تَحريمِ المَيسِرِ -القِمارِ [1167] قال ابنُ بطَّالٍ: (اتَّفَق أهلُ التَّأويلِ أنَّ المَيسِرَ هاهنا القِمارُ كُلُّه). ((شرح صحيح البخاري)) (9/73). - مِن وُجوهٍ؛ قَولُه: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وذلك لا يَصِحُّ إطلاقُه إلَّا فيما كان مَحظورًا مُحَرَّمًا، ثُمَّ أكَّدَه بقَولِه: فَاجْتَنِبُوهُ، وذلك أمرٌ يَقتَضي لُزومَ اجتِنابِه، ثُمَّ قال تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ، ومَعناه: فانتَهَوا [1168] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (2/2). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن حَلَفَ فقال في حَلِفِه: واللَّاتِ والعُزَّى، فليَقُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ، ومَن قال لصاحِبِه: تَعالَ أقامِرْك، فليَتَصَدَّقْ)) [1169] أخرجه البخاري (4860) واللفظ له، ومسلم (1647). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَليلٌ على تَحريمِ القِمارِ؛ لأنَّه إذا اقتَضى مُطلَقُ القَولِ طَلَبَ الكَفَّارةِ والصَّدَقةَ المُنبئةَ عن عَظيمِ ما وجَبَت له أو سُنَّت، فما ظَنُّك بالفِعلِ والمُباشَرةِ [1170] يُنظر: ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/329). .
2- عن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نَهى عنِ الخَمرِ والمَيسِرِ...)) [1171]  أخرجه أبو داود (3685) واللفظ له، وأحمد .(6478). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3685)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3685)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) .(9/193) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: الجَصَّاصُ [1172] قال الجَصَّاصُ: (لا خِلافَ بَينَ أهلِ العِلمِ في تَحريمِ القِمارِ، وأنَّ المُخاطَرةَ مِنَ القِمارِ). ((أحكام القرآن)) (1/450). ، وابنُ بَطَّالٍ [1173] قال ابنُ بَطَّالٍ: (لَم يَختَلفِ العُلَماءُ أنَّ القِمارَ مُحَرَّمٌ). ((شرح صحيح البخاري)) (9/73). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ [1174] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لَم يَختَلفِ العُلَماءُ أنَّ القِمارَ مِنَ المَيسِرِ المُحَرَّمِ). ((التمهيد)) (13/180). ، وابنُ العَرَبيِّ [1175] قال ابنُ العَرَبيِّ: (القِمارُ مَصدَرُ قامَرَه يقامِرُه: إذا طَلَبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهما صاحِبَه بغَلَبةٍ في عَمَلٍ أو قَولٍ ليَأخُذَ مالًا جَعَلَه للغالِبِ، وهذا حَرامٌ بإجماعِ الأُمَّةِ). ((عارضة الأحوذي)) (7/18). ، والقُرطُبيُّ [1176] قال القُرطُبيُّ: (إجماعُ العُلَماءِ أنَّ القِمارَ كُلَّه حَرامٌ). ((تفسير القرطبي)) (3/52). ، وابنُ تَيميَّةَ [1177] قال ابنُ تيميَّةَ: (اتَّفقَ المُسلِمونَ على تَحريمِ المَيسِرِ، واتَّفَقوا على أنَّ المُغالَباتِ المُشتَمِلةَ على القِمارِ مِنَ المَيسِرِ). ((الفتاوى الكبرى)) (4/459). ، وابنُ حَجَرٍ [1178] قال ابنُ حَجَرٍ: (القِمارُ حَرامٌ باتِّفاقٍ). ((فتح الباري)) (8/613). ، والعَينيُّ [1179] قال العَينيُّ: (لَم يَختَلفِ العُلَماءُ في تَحريمِ القِمارِ). ((عمدة القاري)) (22/274). .

انظر أيضا: