الموسوعة الفقهية

المراجع المعتمدة اعتماد منهجية الموسوعة منهج العمل في الموسوعة

المَسألةُ الأولى: نُقصانُ القيمةِ لانخِفاضِ السُّوقِ

اختَلَف العُلَماءُ في حُكمِ ضَمانِ نَقصِ قيمةِ المَغصوبِ لانخِفاضِ السُّوقِ [1547] كأنْ يَغصِبَ شخصٌ سِلعةً تُساوي خَمسينَ رِيالًا، ثمَّ بعدَ فترةٍ -كشهرٍ أو شهرينِ- إذا ردَّ الغاصبُ السِّلعةَ وقد نقَصت قيمتُها وأصبَحتْ تُساوي أربعينَ رِيالًا، فهَلْ يَضْمَنُ هذا النَّقْصَ، فيَرُدَّ السِّلعةَ ومعها عَشَرةَ رِيالاتٍ؟ ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يَضمَنُ الغاصِبُ نَقصَ قيمةِ المَغصوبِ لانخِفاضِ السُّوقِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1548] ((الهداية)) للمرغيناني (4/298)، ((البناية)) للعيني (11/197). ، والمالِكيَّةِ [1549] ((التاج والإكليل)) للمواق (5/285)، ((منح الجليل)) لعليش (7/118). ، والشَّافِعيَّةِ [1550] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/33)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/287). ، والحَنابِلةِ [1551] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/305)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/26). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1552] قال العيني: (لا يضمن الغاصب ما نقص من قيمته بتراجع السعر بلا خلاف بين العلماء). ((البناية)) (11/197). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه رَدَّ العَينَ بحالِها لَم تَنقُصْ عَينًا ولا صِفةً، بخِلافِ السِّمَنِ والصِّفةِ [1553] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/194)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (4/26). .
ثانيًا: لأنَّه لا نَقصَ في ذاتِه ولا في صِفاتِه، والفائِتُ إنَّما هو رَغَباتُ النَّاسِ، وهيَ غَيرُ مُتَقَوِّمةٍ [1554] يُنظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/33)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/287). .
القولُ الثَّاني: يَضمَنُ الغاصِبُ نَقصَ المَغصوبِ لانخِفاضِ السُّوقِ، وهو رِوايةٌ عن أحمَدَ [1555] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/99)، ((الإنصاف)) للمرداوي (6/115). ، وقَولُ أبي ثَورٍ [1556] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/194). ، واختاره ابنُ تَيميَّةَ [1557] قال ابنُ تيميَّةَ: (وإذا تَغَيَّرَ السِّعرُ وفُقِدَ المِثلُ فينْتَقلُ إلى القيمةِ وقتَ الغَصبِ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/420)، وقال المِرداويُّ: (وعنه: يَضمَنُ. اختارَه ابنُ أبي موسى، والشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ رَحِمَه اللهُ). ((الإنصاف)) (6/115). ، وابنُ عُثَيمين [1558] قال ابنُ عُثَيمين: (ولَو غَصَبَ رَجُلٌ كِتابًا يُساوي خَمسينَ ريالًا، ثُمَّ بَعدَ شَهرٍ أو شَهرَينِ رَدَّه وهو يُساوي أربَعينَ ريالًا، فهنا على المَذهَبِ: لا يَضمَنُ نَقصَ السِّعرِ، لَكِنْ إن كان الكِتابُ نَقَص بالاستِعمالِ يَضمَنُ النَّقصَ، وعَلى القَولِ الصَّحيحِ: يَضمَنُ نَقصَ السِّعرِ، فيَرُدُّ الكِتابَ ويَرُدُّ مَعَه عَشَرةَ ريالاتٍ، ويَرُدُّ أيضًا أرْشَ النَّقصِ الذي حَصَلَ باستِعمالِ الكِتابِ، وهذا القَولُ هو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ وشَيخِنا عَبدِ الرَّحمَنِ السَّعديِّ -رَحِمَهما اللهُ- وهو الصَّوابُ، وهذا القَولُ يَنبَغي أن يَكونَ هو المُتَعَيِّنَ؛ لأنَّنا إذا قُلْنا: إنَّ السِّعرَ لا يُضمَنُ، رُبَّما يَعتَدي المُعتَدي على شَخصٍ فيَغصِبُه مالَه ويَحبسُه عِندَه، يُريدُ أن تَنقُصَ الأسعارُ، ثُمَّ يُسَلِّمَه إلى صاحِبِه، وهذا لا شَكَّ في أنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّه تَعَمَّدَ إدخالَ الضَّرَرِ على المالِكِ، فيَضمَنُ، فهو ليس كالذي غَصَبَه وحَبَسَه ليَستَعمِلَه أو لغَيرِ ذلك، ولَم يَخطُرْ ببالِه أنَّه يُريدُ إضرارَ المالِكِ بنَقصِ السِّعرِ، فهذا أهوَنُ). ((الشرح الممتع)) (10/163). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ نَقصَ السِّعرِ فيه إدخالُ الضَّرَرِ على المالِكِ، فيَضمَنُ [1559] يُنظر: ((الشرح الممتع)) (10/163). .
ثانيًا: لأنَّه يَضمَنُه إذا تَلِفَتِ العَينُ، فيَلزَمُه إذا رَدَّها، كالسِّمَنِ [1560] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/194). .

انظر أيضا:

المَسألةُ الثَّانيةُ: نُقصانُ القيمةِ لحُدوثِ عَيبٍ في المغصوبِ.