الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّاني: حُكمُ اللُّقَطةِ للواثِقِ مِن أمانةِ نَفسِه


يُستَحَبُّ الالتِقاطُ للواثِقِ مِن أمانةِ نَفسِه [1653] أمَّا إذا عَلِمَ مِن نَفسِه الخيانةَ فيَحرُمُ عليه الالتِقاطُ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/161)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/119)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/407). قال ابنُ عُثَيمين: (التَّفصيلُ الصَّحيحُ في هذا أن يُقالَ: إذا كان لا يَأمَنُ نَفسَه مِنَ التَّفريطِ وعَدَمِ التَّعريفِ فالتِقاطُه حَرامٌ؛ لأنَّه يُعَرِّضُ نَفسَه لأكلِ مالٍ بالباطِلِ، وإذا كان يَخشى أن يَضيعَ على صاحِبِه، مِثلُ أن يَكونَ حَولَه قُطَّاعُ طَريقٍ أو ما أشبَهَ ذلك، فأخذُه واجِبٌ عليه، وإن لم يكُنْ هذا ولا هذا فتَركُ أخذِه أفضَلُ، وهذا إنَّما هو في غيرِ مَكَّةَ، أمَّا مَكَّةُ -شَرَّفها اللهُ- فإنَّه لا يَجوزُ أن يَلتَقِطَه إلَّا إذا كان يُعَرِّفُه، ولكِن يُعَرِّفُه إلى مَتى؟ الجَوابُ: إلى الأبَدِ). ((التعليق على الكافي)) (6/309). ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1654] ذَهَبَ الحَنَفيَّةُ إلى استِحبابِ الالتِقاطِ للواثِقِ مِن أمانةِ نَفسِه إن خاف عليها مِنَ الضَّياعِ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/301)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/161). ، والشَّافِعيَّةِ [1655] ذَهَبَ الشَّافِعيَّةُ إلى استِحبابِ الالتِقاطِ للواثِقِ مِن أمانةِ نَفسِه. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/318)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/427). ، وقَولٌ للمالِكيَّةِ [1656] ذَهَبَ المالِكيَّةُ في قَولٍ إلى استِحبابِ الالتِقاطِ للواثِقِ مِن أمانةِ نَفسِه إذا لم يَخَفْ عليها مِن يَدِ خائِنٍ. ((الشرح الكبير)) للدردير (4/119)، ((منح الجليل)) لعليش (8/230). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن زَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسَأله عنِ اللُّقَطةِ؟ فقال: ((اعرِفْ عِفاصَها ووِكاءَها، ثُمَّ عَرِّفْها سَنةً، فإن جاءَ صاحِبُها، وإلَّا فشَأنَك به. قال: فضالَّةُ الغَنَمِ؟ قال: لك أو لأخيك أو للذِّئبِ. قال: فضالَّةُ الإبِلِ؟ قال: ما لك ولها؟ مَعَها سِقاؤُها وحِذاؤُها، تَرِدُ الماءَ وتَأكُلُ الشَّجَرَ، حتَّى يَلقاها رَبُّها)) [1657] أخرجه البخاري (91)، ومسلم (1722) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في أمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَعريفِها دَليلٌ على أنَّ الأفضَلَ أخْذُها وتَعريفُها [1658] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/247). .
ثانيًا: لأنَّ في اللُّقَطةِ مُعاونةً على البِرِّ والتَّقوى [1659] يُنظر: ((النجم الوهاج)) لأبي البقاء الدميري (6/8). .







انظر أيضا: