الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: إباحةُ أكلِ ضالَّةِ الغَنَمِ إذا وُجِدَت بالصَّحراءِ


يُباحُ أكلُ ضالَّةِ الغَنَمِ إذا وُجِدَت بالصَّحراءِ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا سَأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ اللُّقَطةِ، فقال: ((عَرِّفْها سَنةً، ثُمَّ اعرِفْ وِكاءَها وعِفاصَها، ثُمَّ استَنفِقْ بها، فإن جاءَ رَبُّها فأدِّها إليه. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الغَنَمِ؟ قال: خُذْها؛ فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذِّئبِ. فقال: يا رَسولَ اللهِ، فضالَّةُ الإبِلِ؟ قال فغَضِبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى احمَرَّت وجْنَتاه -أوِ احمَرَّ وَجهُه- ثُمَّ قال: ما لك ولها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها، حتَّى يَلقاها رَبُّها)) [1744] أخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قوله: ((هي لك أو لأخيك أو للذِّئبِ)) جَعَلها له في الحالِ، وسَوَّى بينَه وبينَ الذِّئبِ، والذِّئبُ لا يَستَأني بأكلِها [1745] يُنظر: المغني لابن قدامة (6/104). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ [1746] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (أجمَعوا على أنَّ ضالَّةَ الغَنَمِ في المَوضِعِ المُخوفِ عليها، له أكلُها). ((الاستذكار)) (22/326). ، وابنُ رُشدٍ [1747] قال ابنُ رُشدٍ: (اتَّفَقوا على أنَّ لواجِدِ ضالَّةِ الغَنَمِ في المَكانِ القَفرِ البَعيدِ مِنَ العُمرانِ: أن يَأكُلَها). ((بداية المجتهد)) (2/307). ، والقُرطُبيُّ [1748] وقال القُرطُبيُّ: (أجمَعوا أنَّ آخِذ ضالَّةِ الغَنَمِ في المَوضِعِ المَخوفِ عليها، له أكلُها). ((الجامع لأحكام القرآن)) (11/268). ، والصَّنعانيُّ [1749] وقال الصَّنعانيُّ: (اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ لواجِدِ الغَنَمِ في المَكانِ القَفرِ البَعيدِ مِنَ العُمرانِ أن يَأكُلَها). ((سبل السلام)) (3/950). .
ثالثًا: أنَّ في أكلِها في الحالِ إغناءً عنِ الإنفاقِ عليها، وحِراسةً لماليَّتِها على صاحِبِها إذا جاءَ؛ فإنَّه يَأخُذُ قيمَتَها بكَمالِها مِن غيرِ نَقصٍ، وفي إبقائِها تَضييعٌ للمالِ بالإنفاقِ عليها، والغَرامةِ في عَلفِها؛ فكان أكلُها أَولى [1750] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/104)، ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/123). .

انظر أيضا: