الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامِسُ: حِمى الإمامِ لنَفسِه


لا يَجوزُ للإمامِ أن يَحميَ لنَفسِه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [2265] ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/293). ويُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (12/213). ، والمالِكيَّةِ [2266] ((مواهب الجليل)) للحطاب (6/4)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/214). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (7/69). ، والشَّافِعيَّةِ [2267] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 166)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/216)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/342). ، والحَنابِلةِ [2268] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/192)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/202). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عنِ الصَّعبِ بنِ جَثَّامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا حِمى إلَّا للهِ ولرَسولِه)) [2269] أخرجه البخاري (2370). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((لا حِمى إلَّا للهِ ولرَسولِه)) أي: ليسَ لأحَدٍ أن يَنفرِدَ عنِ المُسلِمينَ بمَنفعةٍ تَخُصُّه، وإنَّما يَحمي لحَقِّ اللهِ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو مَن يَقومُ مَقامَه مِن خَليفتِه [2270] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/506)، ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (7/327). .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن أسلَمَ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه استَعمَل مَولًى له -يُدعى: هُنَيًّا- على الحِمى، فقال: (يا هُنَيُّ، اضمُمْ جَناحَك عنِ المُسلِمينَ، واتَّقِ دَعوةَ المَظلومِ؛ فإنَّ دَعوةَ المَظلومِ مُستَجابةٌ، وأدخِلْ رَبَّ الصُّرَيمةِ ورَبَّ الغُنَيمةِ، وإيَّايَ ونَعَمَ ابنِ عَوفٍ ونَعَمَ ابنِ عَفَّانَ؛ فإنَّهما إن تَهلِكْ ماشيَتُهما يَرجِعا إلى نَخلٍ وزَرعٍ، وإنَّ رَبَّ الصُّرَيمةِ ورَبَّ الغُنَيمةِ إن تَهلِكْ ماشيَتُهما يَأتِني ببَنيه، فيَقولُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ! أفتارِكُهم أنا لا أبا لك؟! فالماءُ والكَلأُ أيسَرُ عليَّ مِنَ الذَّهَبِ والوَرِقِ، وايمُ اللهِ إنَّهم ليَرَونَّ أنِّي قد ظَلمتُهم؛ إنَّها لبلادُهم فقاتَلوا عليها في الجاهليَّةِ، وأسلَموا عليها في الإسلامِ، والذي نَفسي بيَدِه لولا المالُ الذي أحمِلُ عليه في سَبيلِ اللهِ ما حَمَيتُ عليهم مِن بلادِهم شِبرًا) [2271] أخرجه البخاري (3059). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الأثَرِ دَلالةٌ على أنَّ الإمامَ لا يَحمي لنَفسِه، وإنَّما للمَصلَحةِ العامَّةِ [2272] يُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (7/327)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/121). .

انظر أيضا: