الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: إقطاعُ الإمامِ المَعادِنَ الباطِنةَ  


اختَلَف الفُقَهاءُ في حُكمِ إقطاعِ الإمامِ المَعادِنَ الباطِنةَ [2311] المعادِنُ الباطِنةُ: هو ما لا يُوصَلُ إليه إلَّا بالعَمَلِ، كمعادِنِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والحديدِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/422)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 167). ، على قَولَينِ:
القَولُ الأوَّلُ: يَجوزُ للإمامِ إقطاعُ المَعادِنِ الباطِنةِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [2312] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/334)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (1/487)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/651). ، والشَّافِعيَّةِ [2313] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (6/231)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/303) ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/353). ، وقَولٌ للحَنابِلةِ [2314] ((الإنصاف)) للمرداوي (6/362). ، وهو مُقتَضى مَذهَبِ الحَنَفيَّةِ [2315] الحَنَفيَّةُ يُفهَمُ مِن نُصوصِهم أنَّ المَعادِنَ الباطِنةَ تَختَلفُ عنِ الظَّاهرةِ في الحُكمِ، وقد قالوا بعَدَمِ الجَوازِ في المَعادِنِ الظَّاهرةِ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/36)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/240)، ((الدر المختار)) للحصكفي (6/433). وصَرَّحَ العَينيُّ الحَنَفيُّ بقَولِه: (وأمَّا المَعادِنُ التي لا يُتَوصَّلُ إلى نَيلِها ونَفعِها إلَّا بكُدوحٍ واعتِمالٍ واستِخراجٍ لِما في بُطونِها، فإنَّ ذلك لا يوجِبُ المِلْكَ الباتَّ، ومَنِ اقتَطَعَ شَيئًا مِنها كان له ما دامَ يَعمَلُ فيه، فإذا قَطَعَ العَمَلَ عادَ إلى أصلِه، فكان للإمامِ إقطاعُه غَيرَه). ((عمدة القاري)) (12/221). ، وهو اختيارُ الشَّوكانيِّ [2316] قال الشَّوكانيُّ: (أحاديثُ البابِ تَدُلُّ على أنَّه يَجوزُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولمَن بَعدَه مِنَ الأئِمَّةِ إقطاعُ المَعادِنِ، والمُرادُ بالإقطاعِ: جَعلُ بَعضِ الأراضي المَواتِ مُختَصَّةً ببَعضِ الأشخاصِ، سَواءٌ كان ذلك مَعدِنًا أو أرضًا؛ لِما سيَأتي، فيَصيرُ ذلك البَعضُ أولى به مِن غَيرِه، ولكِن بشَرطِ أن يَكونَ مِنَ المَواتِ التي لا يَختَصُّ بها أحَدٌ، وهذا أمرٌ مُتَّفَقٌ عليه). ((نيل الأوطار)) (5/371). وقال أيضًا: (أمَّا كَونُه يَجوزُ للإمامِ إقطاعُ الأراضي المَيِّتةِ والمَعادِنِ والمياهِ، فلما في الصَّحيحينِ من حديثِ أسماءَ بنتِ أبي بَكرٍ مِن أنَّها كانت تَنقُلُ النَّوى مِن أرضِ الزُّبَيرِ التي أقطَعَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((الدراري المضية)) (2/280). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لاحتياجِ استِخراجِه إلى عَمَلٍ ومُؤنةٍ، بخِلافِ المَعدِنِ الظَّاهِرِ [2317] يُنظر: ((حاشية البجيرمي على شَرحِ المَنهَجِ)) (3/198). .
ثانيًا: قياسًا على جَوازِ إقطاعِ الإمامِ المَواتَ [2318] يُنظر: ((رَوضة الطَّالبينَ)) للنووي (5/303). .
القَولُ الثَّاني: لا يَجوزُ للإمامِ إقطاعُ المَعادِنِ الباطِنةِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [2319] ((الإنصاف)) للمرداوي (6/362)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/188). ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ [2320] ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (6/231)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/303). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: قياسًا على المَعادِنِ الظَّاهِرةِ [2321] يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (5/303). .
ثانيًا: لأنَّ هذه المَعادِنَ مُشتَرَكةٌ بَينَ النَّاسِ لا يَتَطَرَّقُ إليها اختِصاصٌ بمالِكٍ بوَجهٍ، ولا يَتَطَرَّقُ إليها تَخصيصٌ بإقطاعٍ [2322] ((نهاية المطلب)) للجويني (8/305). ويُنظر: ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: 295). .
ثالثًا: لِما في إقطاعِها مِن تَضييقٍ على النَّاسِ [2323] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/188). .

انظر أيضا: