الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: ما نَبَتَ في أرضٍ غَيرِ مَملوكةٍ لأحَدٍ


ما نَبَتَ مِنَ الكَلأِ [2335] قال الصَّنعانيُّ: (الكَلأُ: النَّباتُ رَطْبًا كان أو يابسًا، وأمَّا الحَشيشُ والهَشيمُ فمُختَصٌّ باليابسِ، وأمَّا الخَلا مَقصورٌ غَيرُ مَهموزٍ فيَختَصُّ بالرَّطبِ ومِثلُه العُشبُ). ((سبل السلام)) (2/125). والفَرقُ بَينَ الكَلأِ والشَّجَرِ: أنَّ الكَلأَ هو ما يَنبَسِطُ ويَنتَشِرُ ولا ساقَ له، كالإذخِرِ ونَحوِه، والشَّجَرُ: ما له ساقٌ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (6/440). في أرضٍ غَيرِ مَملوكةٍ لأحَدٍ فالنَّاسُ مُشتَرِكونَ فيه [2336] كالأوديةِ، والجِبالِ، والأراضي التي لا مالِكَ لها. ، ولا يُمنَعُ أحَدٌ مِنه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [2337] ((المبسوط)) للسرخسي (23/141)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/440). ، والمالِكيَّةِ [2338] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/134)، ((الشرح الكبير)) للدردير (4/75). ، والشَّافِعيَّةِ [2339] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/225)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/372- 373). ، والحَنابِلةِ [2340] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/109)، ((الإنصاف)) للمرداوي (6/382). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/441). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [2341] قال ابنُ رُشدٍ الجَدُّ: (الحُكمُ في الكَلأِ يَختَلفُ باختِلافِ مَواضِعِه... فأمَّا إذا كان في أرضٍ غَيرِ مُتَمَلَّكةٍ، مِثلُ الصَّحاري والبَراري والفيافي، فلا اختِلافَ في أنَّ النَّاسَ كُلَّهم فيه سَواءٌ، ليسَ لأحَدٍ مِنهم أن يَمنَعَه ولا أن يَبيعَه). ((البيان والتحصيل)) (10/244). .
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن رَجُلٍ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُسلِمونَ شُرَكاءُ في ثَلاثٍ: الماءِ، والكَلأِ، والنَّارِ)) [2342] أخرجه أبو داود (3477)، وأحمد (23082) واللَّفظُ له. صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3477)، وصَحَّحَ إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3477)، ووثَّق رجالَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/353)، وابن حجر في ((بلوغ المرام)) (272)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (29/219): معروفٌ، رواه أهلُ السُّنَن، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/76): مرويٌّ من طرُقٍ، وقال الشوكانيُّ في ((الدراري المضية)) (282): أحاديثُ البابِ تنتَهِضُ بمَجموعِها. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
ليسَ لأحَدٍ أن يَختَصَّ بالكَلأِ يَنبُتُ في مَواتِ الأرضِ دونَ أحَدٍ، ويَحجُزَه عن غَيرِه [2343] يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/129). .
2- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يُمنَعُ فَضلُ الماءِ ليُمنَعَ به الكَلأُ)) [2344] أخرجه البخاري (2353)، ومسلم (1566). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ النَّهيُ عن مَنعِ الكَلأِ، وعَمَّا هو ذَريعةٌ إلى مَنعِه؛ لأنَّ صاحِبَ الماشيةِ إذا مُنِعَ مِنَ الماءِ لم يَقدِرْ على الإقامةِ على الرَّعيِ [2345] يُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (10/244). .

انظر أيضا: