الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الأَوَّلُ: وقتُ صَلاةِ الكُسوفِ


وقتُ صَلاةِ الكُسوفِ يَبدأُ من وقتِ ظُهورِ الكُسوفِ لا يترتَّب على إخبارِ الفلكيين بوقتِ حدوثِ الكُسوف أو الخسوف حكمٌ شرعيُّ، ولا تُصلَّى هذه الصلاةُ حتى يُرى الكسوف أو الخسوف.  قال ابنُ تيميةَ: (والعلم بوقت الكسوف والخسوف وإن كان ممكنًا، لكن هذا المخبر المعين قد يكون عالمًا بذلك، وقد لا يكون، وقد يكون ثقةً في خبره، وقد لا يكون. وخبرُ المجهول الذي لا يُوثق بعلمه وصِدقه، ولا يُعرف كذبه موقوف. ولو أخبر مخبر بوقت الصلاة وهو مجهولٌ- لم يُقبل خبره، ولكن إذا تواطأ خبرُ أهل الحسابِ على ذلك فلا يكادون يخطئون، ومع هذا فلا يترتَّب على خبرهم علمٌ شرعيٌّ؛ فإنَّ صلاةَ الكسوف والخسوف لا تُصلَّى إلا إذا شاهدنا ذلك) ((مجموع الفتاوى)) (24/258). وقال ابن باز: (لا يُشرع لأهل بلدٍ لم يقعْ عندهم الكسوف أن يصلوا؛ لأن الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّق الأمر بالصلاة، وما ذكر معها برؤية الكسوف، لا بالخبرِ مِن أهل الحساب بأنَّه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/31). وقال ابن عثيمين: (صار النَّاس في هذا الزمن يدرون متى يبتدئُ الكسوف، ومتى ينجلي، لكن مع ذلك لا يُعمل به إذا لم يره، أمَّا إذا رآه وكان قد علم أنَّه سيبقى ساعة أو ساعتين؛ فلا حرج من العمل بذلك؛ لأنَّه أمر أصبح يقينًا يُدرك بالحساب، لكنَّه لو فُرض أن غيَّمت السماء في ذلك اليوم، ولم يروا الكسوف؛ فإنَّهم لا يصلُّون صلاة الكسوف اعتمادًا على ما قيل؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّقه بالرؤية) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/323). وجاء في فتوى اللجنةِ الدَّائمة: (قد يُعرف وقتُ خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب، ويُعرف به كذلك كون ذلك كليًّا أو جزئيًّا، ولا غرابةَ في ذلك؛ لأنَّه ليس من الأمورِ الغيبية بالنسبة لكلِّ أحدٍ، بل غيبيٌّ بالنسبة لمَن لا يَعرف علمَ حساب سير الكواكب، وليس بغيبيٍّ بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم؛ لكونه يستطيعُ أن يعرِفَه بسبب عاديٍّ، وهو هذا العلم، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى، التي يخوِّف بها عباده؛ ليرجعوا إلى ربِّهم، ويستقيموا على طاعته، لكن لا يجوزُ تصديقُهم ولا العملُ بقولِهم؛ لأنَّهم قد يخطئون، وإنَّما العمدةُ على رؤيةِ الكُسوف). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (8/322). ، ويَنتهي بزَوالِه، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/153)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/281). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/319)، وينظر: ((التنبيه في الفقه الشافعي)) للشيرازي (ص: 46). ، الحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبُهوتي (2/61)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/316). ، ورِواية عند المالِكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/403).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عنِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فإذا رأيتُموهما فادْعُوا الله وصَلُّوا، حتى يَنجليَ )) رواه البخاري (1060)، ومسلم (915).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَلَ صلاةَ الكُسوفِ من رُؤيةِ الكسوفِ إلى انجلائِه ((المغني)) لابن قدامة (2/316).
ثانيًا: أنَّ صلاةَ الكُسوفِ شُرِعتْ رغبةً إلى اللهِ في ردِّ نِعمةِ الضَّوءِ، وذلك إَّنما يكونُ في وقتِ الكُسوفِ ((المغني)) لابن قدامة (2/316).

انظر أيضا: