تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
المطلب الأوَّل: الدَّمُ الخارج قبل الولادة مع الطَّلق الدَّمُ الخارجُ قبل الولادة، ومعه طَلقٌ، يُعتبَرُ نفاسًا، وهذا مَذهَبُ الحنابلة قال البُهوتي: (النِّفاس بقيَّة للدَّم الذي احتبس في مدَّة الحمل، مأخوذٌ من النَّفس، وهو الخروجُ مِن الجوف، أو مِن نفَّسَ الله كُربتَه؛ أي: فرَّجها، وعُرفًا (دم تُرخيه الرَّحِم مع ولادةٍ، وقبلها)؛ أي: الولادة (بيومين أو ثلاثة، بأمارة)؛ أي: علامة على الولادة، كالتألُّم، وإلَّا فلا تجلِسْه؛ عملًا بالأصل) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/122)، ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/218). ، وقولٌ عند المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/209). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/521)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/439). ، وهو قولُ إسحاقَ بن راهويه قال ابن المُنذِر: (ذِكْر المرأة ترى الدَّم وهي تطلق: واختلفوا في المرأة ترى الدَّمَ وهي تَمخَض، فقالت طائفة: هو حيضٌ لا تُصلِّي؛ رُوي هذا القول عن النَّخعي، وقال الحسن: إذا رأت الدَّمَ على الولد أمسكتْ عن الصَّلاة، وقال مالكٌ في الماء الأبيض الذي يخرُج من فرْج المرأة حين يضربُها الطَّلقُ حضرةَ الولادة: تَوضَّأُ وتُصلِّي حتى ترى دمَ النِّفاس، وجعل ذلك بمنزلةِ البولِ، وقال إسحاق بن راهويه: إذا ظهر الدَّمُ تركت الصَّلاةَ، وإن كان قبل الولادة بيوم أو يومين، وكان عطاءٌ يقول: تَصنع ما تصنَعُ المستحاضة، قال أبو بكر: لا تدَع الصَّلاة حتى تلدَ، فيكون حُكمُها حينئذٍ حُكمَ النُّفَساء) ((الأوسط)) (2/370). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (فأمَّا الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة، فهو نفاس؛ لأنَّه دم خارج بسبب الولادة، فكان نفاسًا كالخارج بعدها؛ وهذا لأنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأته قريبَ الوضع، فالظَّاهر أنَّه بسبَبِ الولد لا سيَّما إن كان قد ضربها المخاضُ). ((شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج)) (1/514). وقال أيضًا: (ما تراه من حينِ تَشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240). ، وابنُ باز قال ابن باز: (إذا نزل الدَّمُ مع الطَّلقِ، فهو نِفاسٌ). ((اختيارات الشيخ ابن باز)) لخالد آل حامد (1/339، 340). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأة بعد الولادة، أو معها، أو قبلها بيومينِ، أو ثلاثة مع الطَّلْقِ، أمَّا بدون الطَّلقِ، فالذي يخرج قبل الولادةِ دَمُ فسادٍ، وليس بشيءٍ). ((الشرح الممتع)) (1/507). وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّه دمٌ خرج بسبب الولادةِ، فكان نِفاسًا، كالخارِجِ بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسبب الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَمُ ذلك برؤية أماراتِها؛ من المخاضِ ونحوه في وَقتِه ((المغني)) لابن قدامة (1/262). ثانيًا: أنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأتْه قريبَ الوضعِ، فالظَّاهِرُ أنَّه بسبَبِ الولَدِ، لا سيَّما إن كان قد ضرَبَها المخاضُ سُئِلَت اللجنة الدائمة: (بعضُ النسوة تعسُرُ عليهن الولادةُ فيُضطرُّ إلى توليدِهنَّ بطريقةِ العمليَّة الجراحيَّة، ولربَّما يحصُلُ من جرَّاءِ ذلك خروجُ الولدِ عن طريقِ غيرِ الفَرجِ. فما حكمُ أمثال هؤلاء النِّسوة في الشَّرعِ من ناحيةِ دَمِ النفاس؟ وما حكم غُسلِهنَّ شرعًا؟ فأجابت: (... حكمُها حكمُ النُّفَساء، إن رأت دمًا جلست حتى تطهُرَ، وإن لم تر دمًا، فإنها تصومُ وتصلِّي كسائِرِ الطاهراتِ) ((فتاوى اللجنة الدائمة – 1)) (5/461). المطلب الثَّاني: الدَّم الخارج مع المولود الدَّمُ الخارج مع المولودِ يكون نفاسًا؛ وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((حاشية الدسوقي)) (1/174). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/357)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/219). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/175)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/438). ، وقولٌ لبعضِ الحنفيَّة ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (1/67)، ((العناية)) للبابرتي (1/187). ، واختاره ابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (ما تراه من حين تشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأةِ بعد الولادة، أو معها..). ((الشرح الممتع)) (1/507). ؛ وذلك لأنَّه دمٌ خرج بسبب الولادة، فكان نفاسًا، كالخارج بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسببِ الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَم ذلك برؤيةِ أماراتِها من المخاضِ ونَحوِه في وَقتِه ((المغني)) لابن قدامة (1/262). المطلب الثَّالث: الدَّم الخارج بعد الولادة الدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، هو دمُ نِفاسٍ. الدَّليل من الإجماع: نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم قال ابن حزم: (اتَّفقوا على أنَّ المرأة إذا وَضعت آخِرَ ولدٍ في بطنها، فإنَّ ذلك الدَّمَ الظَّاهِرَ منها بعد خروج ِذلك الولَدِ الآخِر دمُ نفاسٍ لا شكَّ فيه، تجتنِبُ فيه الصَّلاةَ والصِّيام والوطءَ). ولم يتعقَّبه ابن تيميَّة. يُنظر: ((مراتب الإجماع)) (ص: 23). ، والنووي قال النوويُّ: (فأمَّا الدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، فنِفاسٌ بلا خلافٍ). ((المجموع)) (2/520). ، والرافعيُّ قال الرافعي: (لأنَّ ما بعد الولَدِ نفاسٌ بلا خلافٍ) ((فتح العزيز)) (2/578). المطلب الرَّابع: أوَّل نفاس التَّوءَمين وآخِرُه اختلف أهلُ العِلم في أوَّلِ نِفاسِ التَّوءمينِ وآخِرِه على أقوال؛ أقواها قولان: القول الأوّل: إن ولدت المرأةُ تَوءمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاس وآخِرُه مِن الوَلَد الأوَّل قال ابن باز: (تكونُ بداية النِّفاس من الوَلَد الأوَّل، وكذا نهايَتُه، هذا هو الأقرب) ((اختيارات الشيخ ابن باز وآراؤه الفقهية في قضايا معاصرة)) لخالد آل مفلح (1/340). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/68)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/696). ، والمالكيَّة استثنى المالكيَّة حالًا واحدةً، وهي ما إذا استمرَّ الدَّمُ بين التوءمين ستِّين يومًا فأكثَر، فإنَّه يكون نفاسَينِ، لكلٍّ منهما نفاسٌ مستقلٌّ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/220)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/253). ، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/526). وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّل ظهر انفتاحُ الرَّحِم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231). ثانيًا: أنَّه دمٌ يعقُب ولادةً، فاعتُبِرَت المدَّةُ منه كما لو كان وحْدَه ((المجموع)) للنووي (2/526). ثالثًا: أنَّ أوَّلَه مِن الأوَّل، فكان آخِرُه منه أيضًا، كالمُنفَرد ((المغني)) لابن قدامة (1/253). القول الثاني: إن ولدَت المرأةُ توءَمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاسِ مِن الولَدِ الأوَّل، وآخِرُه من الثاني، وهذا قولٌ عند المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174). ، وروايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قدامة (1/253). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الأقربُ أن يكونَ [أوَّل النِّفاس] من الأوَّلِ، وآخِرُه من الثاني). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين – التعليقات على الكافي لابن قدامة)). وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّلِ ظهَر انفتاحُ الرَّحم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231). ثانيًا: أنَّ العِدَّةَ تنقضي بالأخيرِ إجماعًا، فكذا النِّفاسُ ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/697).