تمهيدٌ حول ألقابِ الشيعةِ وتفرُّقِهِم
أُطلِق على فِرقةِ الشِّيعةِ أسماءٌ وألقابٌ متعَدِّدةٌ، أبرَزُها
[89] يُنظر لهذا الباب: ((فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام)) لغالب عواجي (1/316، 317). ويُنظر: ((البدء والتاريخ)) للمطهر المقدسي (5/ 124- 127)، ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) للملطي (ص: 18)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 15 - 17، 38، 39، 223 - 240). :
1- الشِّيعةُ: هو أشهَرُ أسمائِهم، ويَشمَلُ جميعَ فِرَقِهم، ولا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ في إطلاقِه عليهم كاسمٍ عَلَمٍ.
2- الرَّافِضةُ: هو اسمٌ للغُلاةِ منهم، وقد أطلقه عليهم بعضُ العُلَماءِ فجعَلَه اسمًا لجميعِ الشِّيعةِ.
ولكِنَّ إطلاقَ اسمِ الرَّافِضةِ على عُمومِ الشِّيعة -بمن فيهم من بعضِ فِرَقِهم كالزَّيديَّةِ التي نشأت في نهايةِ القَرنِ الأوَّلِ للهِجرةِ- غيرُ سديدٍ؛ لأنَّ هذه التَّسميةَ أُخِذَت من قولِ زَيدِ بنِ عَليٍّ لبَعضِ الشِّيعةِ: (رفَضْتُموني) فسُمُّوا الرَّافِضةَ.
وليس معنى هذا أنَّهم لم يكونوا على عقيدةِ الرَّفضِ بل هم رافِضةٌ؛ ولهذا طَلَبوا من زيدٍ أن يكونَ رافضيًّا مِثلَهم فامتَنَع. لكِنْ لم تجرِ هذه التَّسميةُ عليهم قبلَ ذلك، ومعنى هذا أنَّ الشِّيعةَ كان لهم وجودٌ قَبلَ زَيدٍ.
وقد انقَسَمت فِرقةُ الشِّيعةِ إلى فِرَقٍ أُخرى عديدةٍ
[90] يُنظر: ((فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام)) لعواجي (1/318-321). ويُنظر: ((مختصر التحفة الاثني عشرية)) لمحمود الألوسي (1/ 3 - 69). .
ومن أسبابِ تفَرُّقِهم:1- اختِلافُهم في نَظرتهِم إلى التَّشيُّعِ:فمنهم الغالي المتطَرِّفُ الذي يُقَدِّسُ الأئمَّةَ من أهلِ البَيتِ، ويدَّعي عِصمَتَهم، ويُكَفِّرُ من خالفَهم، ومنهم من اتَّصف بنوعٍ من الاعتدالِ، فلا يدَّعي العِصمةَ لأحدٍ من أهلِ البيتِ، ولا يُكَفِّرُ من خالفَهم.
2- اختِلافُهم في تعيينِ أئمَّتِهم من ذُرِّيَّةِ عَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه:فالإماميَّةُ مَثَلًا يَعُدُّون جَعفَرَ بنَ محمَّدِ بنِ عَليٍّ إمامَهم، والزَّيديَّةُ يَعُدُّون عمَّه زيدَ بنَ عَليٍّ إمامَهم.
3- كونُ التَّشيُّعِ مَدخَلًا لكلِّ طامِعٍ في الدُّنيا أو في الطَّعنِ في الدِّينِ:لمَّا كان التَّشيُّعُ مَدخَلًا لكُلِّ طامعٍ في الدُّنيا أو الطَّعنِ في الدِّينِ، أحدَث هؤلاء الطَّامِعون في السُّلطةِ أو في حُبِّ الظُّهورِ أو تحريفِ الدِّينِ انشِقاقًا كبيرًا بَيْنَ صُفوفِ الشِّيعةِ، حينما طلَبوا تحقيقَ أغراضِهم بالتَّظاهُرِ بالتَّشيُّعِ لآلِ البَيتِ؛ فمَثَلًا تزعَّم المختارُ بنُ أبي عُبَيدٍ عن طريقِ التَّشيُّعِ، وظَهَرت الباطنيَّةُ عن طريقِ التَّشيُّعِ.
ففِكرةُ التَّشيُّعِ جذَبَت إليها كثيرًا من أهلِ الأهواءِ والأغراضِ، وهؤلاء بدؤوا يُدخِلون في الإسلامِ ما لا يتَّفِقُ معه، فأضافوا إلى المُعتَقَدِ الشِّيعيِّ آراءً جديدةً أسهمت في كَثرةِ تفَرُّقِ مَن ينتَسِبُ إلى التَّشيُّعِ.
وقد اختَلَف العُلَماءُ في عَدَدِ فِرَقِ الشِّيعةِ:فأبو الحَسَنِ الأشعَريُّ يَذكُرُ أنَّهم ثلاثُ فِرَقٍ رئيسيَّةٍ، وما عداها فُروعٌ
[91] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (1/65). .
وعبدُ القاهِرِ البَغداديُّ يَعُدُّهم أربعةَ أصنافٍ، والباقي فروعًا لهم
[92] يُنظر: ((الفرق بين الفرق)) (ص: 21). .
ويَعُدُّهم الشَّهْرَستانيُّ خَمسَ فِرَقٍ والباقي فروعًا لهم
[93] يُنظر: ((الملل والنحل)) (1/147). .
وكان عُلَماءُ الفِرَقِ يُسَجِّلون ما يَصِلُ إليهم من عَدَدِ فِرَقِ الشِّيعةِ؛ فجاء عدَّهم غيرَ مُنضَبِطٍ لتجَدُّدِ الأفكارِ الشِّيعيَّةِ وتقَلُّبِها.
ويمكِنُ الاقتصارُ على دراسةِ أبرَزِ الفِرَقِ الشِّيعيَّةِ التي كان لها دَورٌ بارِزٌ في العالَمِ الإسلاميِّ، وهي:1- السَّبَئيَّةُ.
2- الكَيْسانيَّةُ.
3- الزَّيديَّةُ.
4- الرَّافِضةُ.