المطلَبُ السَّادِسُ: إهانتُهم الحَسَنَ بنَ عَليٍّ رَضي اللَّهُ عنهما
أهان الشِّيعةُ
الحَسَنَ بنَ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه، حينَ قَبِل الصُّلحَ مع
معاويةَ؛ فإنَّه بعد وفاةِ أبيه رَضِيَ اللَّهُ عنه صار خليفتَه.
قال اليعقوبيُّ: (أقام
الحَسَنُ بنُ عَليٍّ بعد أبيه شهرينِ، وقيل: أربعةَ أشهُرٍ، ووجَّه بعُبَيدِ اللَّهِ بنِ العبَّاسِ في اثنَي عَشَرَ ألفًا لقتالِ
معاويةَ، ومعه قيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادةَ الأنصاريُّ،... ووجَّه
معاويةُ إلى
الحَسَنِ المغيرةَ بنَ شُعبةَ، وعبدَ اللَّهِ بنَ عامِرِ بنِ كريزٍ، وعبدَ الرَّحمنِ بنَ أمِّ الحَكَمِ، وأتوه وهو بالمدائِنِ نازِلٌ في مضاربِه، ثمَّ خرجوا من عِندِه، وهم يقولون ويُسمِعون النَّاسَ: إنَّ اللَّهَ قد حَقَن بابنِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدِّماءَ، وسكَّن به الفتنةَ، وأجاب إلى الصُّلحِ، فاضطرب العسكَرُ، ولم يَشُكَّ النَّاسُ في صِدقِهم، فوثبوا ب
الحَسَنِ، فانتهبوا مضارِبَه وما فيها، فركب
الحَسَنُ فَرَسًا له ومضى في مظلمِ ساباطٍ، وقد كَمَن الجرَّاحُ بنُ سِنانٍ الأسديُّ، فجرَحَه بمِعوَلٍ في فَخِذِه، وقبض على لحيةِ الجرَّاحِ ثمَّ لواها فدقَّ عُنُقَه، وحُمِل
الحَسَنُ إلى المدائِنِ وقد نزف نزفًا شديدًا، واشتدَّت به العِلَّةُ، فافترق عنه النَّاسُ، وقَدِم
معاويةُ العراقَ، فغلب على الأمرِ، و
الحَسَنُ عليلٌ شديدُ العِلَّةِ، فلمَّا رأى
الحَسَنُ أنْ لا قوَّةَ به، وأنَّ أصحابَه قد افتَرَقوا عنه فلم يقوموا له، صالحَ
معاويةَ، وصَعِد المنبَرَ فحمد اللَّهَ وأثنى عليه، وقال: أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ هداكم بأوَّلِنا، وحَقَن دماءَكم بآخِرِنا، وقد سالَمْتُ
معاويةَ، وإن أدري لعَلَّه فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حينٍ)
[754] ((تاريخ اليعقوبي)) (2/215). .
وقال المسعوديُّ: (إنَّ
الحَسَنَ رَضِيَ اللَّهُ عنه لمَّا خطب بعدَ اتِّفاقِه مع
معاويةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: يا أهلَ الكوفةِ، لو لم تَذهَلْ نفسي عنكم إلَّا لثلاثِ خِصالٍ لذَهِلَت: مَقتَلُكم لأبي، وسَلبُكم ثَقلي، وطعنُكم في بطني، وإني قد بايعتُ
معاويةَ، فاسمعوا وأطيعوا، وقد كان أهلُ الكوفةِ انتَهَبوا سرداقَ
الحَسَنِ ورَحْلَه، وطعنوا بالخنجَرِ في جوفِه، فلمَّا تيقَّن ما نزل به انقاد إلى الصُّلحِ)
[755] ((مروج الذهب)) (2/431). .
وذَكَر المفيدُ أنَّ أهلَ الكوفةِ شَدُّوا على فُسطاطِ
الحَسَنِ وانتهبوه حتى أخذوا مُصَلَّاه من تحتِه، ثم شَدَّ عليه عبدُ الرَّحمنِ بنُ عبدِ اللَّهِ الجعالُ الأزديُّ، فنزع مطرفةً عن عاتِقِه، فبقيَ جالسًا متقلِّدًا السَّيفَ بغيرِ رِداءٍ
[756] ((الإرشاد)) (ص:190). .
وذَكَر الكَشِّيُّ عن أبي جَعفَرٍ أنَّه قال: (جاء رجلٌ من أصحابِ
الحَسَنِ عليه السَّلامُ يُقالُ له: سفيانُ بنُ أبي ليلى، وهو على راحلةٍ له، فدخَل على
الحَسَنِ عليه السَّلامُ وهو مختبئٌ في فناءِ دارِه، فقال له: السَّلامُ عليك يا مُذِلَّ المُؤمِنين! قال: وما عِلمُك بذلك؟ قال: عمَدْتَ إلى أمرِ الأمَّةِ فخلَعْتَه من عنُقِك، وقلَّدْتَه هذا الطَّاغيةَ يحكُمُ بغيرِ ما أنزَلَ اللَّهُ)
[757] ((رجال الكشي)) (ص: 103). .
وفي كُتُبِ الشِّيعةِ أنَّ
الحَسَنَ قال: (أرى واللَّهِ
معاويةَ خَيرًا لي من هؤلاء الذين يزعُمون أنَّهم لي شيعةٌ، ابتَغَوا قتلي، وأخَذوا مالي! واللَّهِ لأن آخُذَ من
معاويةَ عهدًا أحقِنُ به دمي، وآمَنُ به في أهلي خيرٌ من أن يقتُلوني فيضيعَ أهلُ بيتي وأهلي، واللَّهِ لو قاتَلْتُ
معاويةَ لأخذوا بعُنُقي حتى يدفَعوا بي إليه سِلمًا، واللَّهِ لئنْ أسالِمْه وأنا عزيزٌ خيرٌ من أن يقتُلَني وأنا أسيرٌ، أو يمنَّ عليَّ فيكونَ سُنَّةً على بني هاشِمٍ آخِرَ الدَّهرِ، ول
معاويةَ لا يزالُ يمُنُّ بها وعَقِبُه على الحيِّ منَّا والميِّتِ)
[758] يُنظر: ((الاحتجاج)) للطبرسي (ص: 148). .
كما أهان الشِّيعةُ الاثنا عَشْريَّةُ
الحَسَنَ؛ حيثُ قَطَعوا الإمامةَ من أولادِه
[759] يُنظر: ((الشيعة وأهل البيت)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 270). .