المبحَثُ السَّادسُ: طَعنُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ في أحمدَ بنِ حَنبَلٍ
افترى الشِّيعةُ أيضًا بعضَ الرِّواياتِ في الطَّعنِ في
أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، ومن ذلك أنَّهم نسَبوا إليه القولَ بوجوبِ بُغضِ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه!
نقل البياضيُّ عن أحمدَ أنَّه قال: (لا يكونُ الرَّجُلُ سُنِّيًّا حتى يبغِضَ عليًّا ولو قليلًا)
[855] ((الصراط المستقيم)) (3/224). .
وقال الكَشِّيُّ عن أحمدَ: (جاهلٌ شديدُ النَّصبِ، يستعمِلُ الحياكةَ، لا يُعَدُّ من الفُقَهاءِ)
[856] يُنظر: ((الصراط المستقيم)) للبياضي (3/223). .
ويكفي في الرَّدِّ على هذا الافتراءِ أنَّ
أحمدَ بنَ حنبلٍ خَصَّص في كتابِه (فضائِلُ الصَّحابةِ) مائةً وتِسعًا وتسعين صفحةً كُلُّها في فضائِلِ أميرِ المُؤمِنين عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه!
وقال الشِّيعيُّ نعمةُ اللَّهِ الجزائريُّ: (حماقةُ
أحمدَ بنِ حنبَلٍ: وروى
أحمدُ بنُ حنبَلٍ أنَّه لو جاء رجلٌ فقال: إنِّي حلفتُ بالطَّلاقِ ألَّا أكَلِّمَ في هذا اليومِ مَن هو أحمَقُ، فكلَّم رافضيًّا لحَنِث؛ لأنَّه خالف الإمامَ عَليًّا عليه السَّلامُ؛ فإنَّه قال عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه قال في
أبي بَكرٍ وعُمَرَ:
((هذان سَيِّدا كهولِ أهلِ الجنَّةِ)) [857] أخرجه من طرقٍ: الترمذي (3666) وابن ماجه (95)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (602). قال الذهبي في ((تاريخ الإسلام)) (3/108): لم يصح والرَّافِضةُ يَسُبُّونَهما.
أقول: الأحمقُ مَن يروي هذا الحديثَ ويُصَدِّقُه، والصَّحيحُ ما رُوِيَ أنَّه لا كَهْلَ في الجنَّةِ إلَّا إبراهيمُ الخليلُ؛ لأنَّهم أرادوا معارضةَ
الحَسَنِ والحُسَينِ رَضِيَ اللَّهُ عنه؛ سَيِّدَا شبابِ أهلِ الجنَّةِ، فوَقَعوا في المناقَضةِ من حيثُ لا يَشعُرون)
[858] ((زهر الربيع)) (ص: 525). .
وقال الصَّدوقُ، وهو من الشِّيعةِ المشهورين النَّاقلين للكَذِبِ المُبينِ: (حَدَّثنا أبو سعيدٍ مُحمَّدُ بنُ الفَضلِ بنِ مُحمَّدِ بنِ إسحاقَ المذكرُ النَّيسابوريُّ بنيسابورَ، قال: سمعتُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ مُحمَّدِ بنِ محمودٍ يقولُ: سَمِعتُ إبراهيمَ بنَ مُحمَّدِ بنِ سُفيانَ يقولُ: إنما كانت عداوةُ
أحمدَ بنِ حنبَلٍ مع عَليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ أنَّ جَدَّه ذا الثُّدَيَّةِ الذي قتله عَليُّ بنُ أبي طالبٍ يومَ النَّهروانِ، كان رئيسَ الخوارجِ. حدَّثنا أبو سعيدٍ أنَّه سمِعَ هذه الحكايةَ من إبراهيمَ بنِ مُحمَّدِ بنِ سُفيانَ بعَينِها
[859] ممَّا يدُلُّ على كَذِبِه في روايتِه هذه القِصَّةَ عن محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ سفيانَ صاحِبِ الإمامِ مسلمٍ المتوفَّى سنة 308 للهجرةِ: أنَّه تفرَّد بروايتِها بهذا الإسنادِ، ولم يروِها غيرُه، ولم يذكُرْ أحدٌ من عُلَماءِ الأنسابِ هذا عن أحدِ أجدادِ أحمدَ بنِ حنبلٍ الشَّيبانيِّ، ولم يذكُرْ أحدٌ أنَّ ذا الثُّدَيَّةِ كان من بني شيبانَ! فالصَّدوقُ يُركِّبُ الأسانيدَ، ويروي بها الأكاذيبَ، ولو كان صادقًا لتابعه غيرُه عن أولئك المشايخِ الذين افترى عليهم تلك الرِّواياتِ، والنَّاظِرُ في الأسانيدِ التي يروي بها الأكاذيبَ يَعجَبُ من كثرةِ أخطائِه في الأسماءِ، ووضوحِ كَذَباتِه بدعوى لقاءِ بعضِ المشايخِ عن غيرِ المعروفين بالرِّوايةِ عنهم، واللهُ المستعانُ. .
حدَّثَنا أبو سعيدٍ مُحمَّدُ بنُ الفَضلِ قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بنُ مُحمَّدِ بنِ محمودٍ قال: سمِعتُ مُحمَّدَ بنَ أحمدَ بنِ يعقوبَ الجَوزجانيَّ قاضيَ هَراةَ يقولُ: سمعتُ مُحمَّدَ بنَ فورَكٍ الهَرَويَّ يقولُ: سَمِعتُ عَليَّ بنَ خَشرمٍ يقولُ: كنتُ في مجلسِ
أحمدَ بنِ حنبَلٍ فجرى ذِكْرُ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ، فقال: لا يكونُ الرَّجُلُ مُجرمًا حتى يبغِضَ عَليًّا قليلًا، قال عَليُّ بنُ خَشرمٍ: فقُلتُ: لا يكونُ الرَّجُلُ مجرِمًا يحِبُّ كثيرًا. وفي غيرِ هذه الحكايةِ قال عَليُّ بنُ خَشرمٍ: فضربوني وطردوني من المجلِسِ.
حدثنا الحُسَينُ بنُ يحيى البجليُّ قال: حَدَّثَنا أبي عن ابنِ عوانةَ عن عطاءِ بنِ السَّائبِ قال: حَدَّثني ابنُ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ قال: حدَّثني أبي عن جَدِّي قال: إذا رأيتَ رجلًا من الأنصارِ يُبغِضُ عَليَّ بنَ أبي طالبٍ فاعلَمْ أنَّ أصلَه يهوديٌّ)
[860] ((علل الشرائع)) (ص: 178). .