المَطلَبُ الثَّالِثُ: عَقيدَتُهم في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
تَتَلَخَّصُ أهَمُّ الانحِرافاتِ العَقَديَّةِ عِندَ التِّجانيَّةِ في رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجَوانِبِ التَّاليةِ:
1- إيمانُهم برُؤيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً:ومِن نُصوصِهم في ذلك:
- قال حرازمُ: (قال رَضيَ اللهُ عنه: أخبَرَني سَيِّدُ الوجودِ يَقَظةً لا مَنامًا، قال لي: أنت من الآمِنينَ...)
[417] ((جواهر المعاني)) (1/ 129). .
- قال الفوتي: (ولا يَكمُلُ العَبدُ في مَقامِ العِرفانِ حَتَّى يَصيرَ يَجتَمِعُ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً ومُشافَهةً...)
[418] ((رماح حزب الرحيم)) (1/ 199). ويُنظر أيضًا: (سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين) للنبهاني (ص: 403). .
- قال النَّظيفيُّ: (وأمَّا الذي هو أفضَلُ وأعَزُّ مِن دُخولِ الجَنَّةِ فهو رُؤيةُ سَيِّدِ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ، فيَراه الوَليُّ اليَومَ كما يَراه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم؛ فهي أفضَلُ مِنَ الجَنَّةِ ...)
[419] ((الدرة الخريدة)) (1/ 47). .
وبِناءً على ذلك، فإنَّهم يَزعُمونَ أنَّهم يَستَفتونَه ويَتَلَقَّونَ منه الأورادَ ويَسألونَه عن صِحَّةِ الأحاديثِ
[420] يُنظر: ((جواهر المعاني)) لحرازم (2/ 228)، ((بغية المستفيد)) للعربي (ص: 79). !
وهذا اعتِقادٌ فاسِدٌ؛ فإنَّ رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً بَعدَ مَوتِه مُستَحيلةٌ شَرعًا وعَقلًا. كما أنَّ الوَحيَ قد انقَطَعَ بوَفاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
[421] يُنظر: ((التجانية)) لدخيل الله (ص: 127). .
2- الاستِمدادُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَ الشَّيخِ التِّجانيِّ:إنَّ عَقيدةَ الاستِمدادِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمَشايِخِ مَوجودةٌ لدى كَثيرٍ مِنَ الصُّوفيَّةِ. والتِّجانيَّةُ مِنَ الذين يُؤمِنونَ بعَقيدةِ الاستِمدادِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَ الشَّيخِ التِّجانيِّ، وأنَّه يُعطي ويَمنَعُ، ويَشفي ويُمرِضُ، ويُجيبُ دُعاءَ المُضطَرِّ، وغَيرِ ذلك، وفيما يَلي بَعضُ النُّصوصِ التي تُبَيِّنُ هذا الجانِبَ:
- قال حرازمُ: (لا شَكَّ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا المَيدانِ تامٌّ في نَفسِه، لا يطرأُ عليه النَّقصُ بوَجهٍ مِنَ الوُجوهِ، كامِلٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يُفيضُ الكَمالاتِ على جَميعِ الوُجودِ مِنَ العُلومِ والمَعارِفِ، والأسرارِ والأنوارِ، والأحوالِ والفُيوضاتِ، والتَّجَلِّياتِ والمَواهبِ، والمِنَحِ وجَميعِ وُجوهِ العَطايا. فكُلُّ ما يُفيضُه الحَقُّ سُبحانَه وتعالى على الوُجودِ مُطلَقًا ومُقَيَّدًا أو كَثيرًا أو قَليلًا مِمَّا اشتَهَرَ أو شَذَّ، إنَّما يُفيضُه بواسِطةِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عليه سَلَّمَ. فمَن ظَنَّ أن يَصِلَ شَيءٌ إلى الوُجودِ بغَيرِ واسِطةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقَد جَهِلَ أمرَ اللهِ، وإن لم يَتُبْ خَسِرَ الدُّنيا والآخِرةَ بهذا الاعتِقادِ)
[422] يُنظر: ((جواهر المعاني)) (1/ 408). .
- ونَقَلَ الفوتي عَنِ التِّجانيِّ قَولَه: (إنَّ رُوحَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وروحي هكذا «وأشارَ بأصبُعَيه السَّبَّابةِ والتي تَليها»، فرُوحُه تُمِدُّ الأنبياءَ، وروحي تُمِدُّ الأقطابَ والعارِفينَ والأولياءَ)
[423] يُنظر: ((رماح حزب الرحيم)) (2/ 142). !
- وقال العَرَبيُّ: (قال رَضيَ اللَّهُ عنه إنَّ الفُيوضَ التي تَفيضُ مِن ذاتِ سَيِّدِ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَتَلَقَّاها ذَواتُ الأنبياءِ، وكُلُّ ما فاضَ وبَرَزَ مِن ذَواتِ الأنبياءِ تَتَلَقَّاه ذاتي، ومِنِّي يتفرَّقُ على جَميعِ الخَلائِقِ مِن نَشأةِ العالَمِ إلى النَّفخِ في الصُّورِ... وقال: لا يَتَلَقَّى وليٌّ فيضًا مِنَ اللهِ تعالى إلَّا بواسِطَتِه رَضيَ اللهُ عنه مِن حَيثُ لا يَشعُرُ به، ومَدَدُه الخاصُّ به إنَّما يَتَلَقَّاه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[424] ((بغية المستفيد)) (ص: 225). !
وهم يُثبِتونَ هذا المَدَدَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَياتِه وبَعدَ وفاتِه:
- قال النَّظيفيُّ: (ومَن تَوَهَّمَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم انقطع جَميعُ مَدَدِه على أمَّتِه بمَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَسائِرِ الأمواتِ، فقَد جَهِلَ رُتبةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأساءَ الأدَبَ مَعَه، ويُخشى عليه أن يَموتَ كافِرًا إن لم يَتُبْ مِن هذا الاعتِقادِ)
[425] ((الدرة الخريدة)) (4/ 203). .
وهذا أيضًا اعتِقادٌ غَيرُ صَحيحٍ كالذي قَبلَه؛ فإنَّ اللهَ وَحدَه هو الذي يَملِكُ الضُّرَّ والنَّفعَ، والهدايةَ والضَّلالَ، وهو وَحدَه الخالِقُ الرَّازِقُ، المُحيي المُميتُ، لا يَملِكُ أحَدٌ مِن ذلك شَيئًا، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نَبيٌّ مُرسَلٌ، فضلًا عن غَيرِهما.
وقَد قال اللهُ تعالى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188] .
- قال الفوتي: (إنَّ الأولياءَ يَرَونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً، وإنَّه يَحضُرُ كُلَّ مَجلِسٍ أو مَكانٍ أرادَ بجَسَدِه وروحِه، وأنَّه يَتَصَرَّفُ في أقطارِ الأرضِ في المَلَكوتِ وهو بهَيئَتِه التي كان عليها قَبلَ وفاتِه لم يَتَبَدَّلْ عنه شَيءٌ، وأنَّه مُغَيَّبٌ عَنِ الأبصارِ كما غُيِّبَتِ المَلائِكةُ مَعَ كَونِهم أحياءً بأجسادِهم، فإذا أرادَ اللهُ أن يَراه عَبدٌ رَفَعَ عنه الحِجابَ، فيَراه على هَيئَتِه التي كان هو عليها)، ثُمَّ ذَكَرَ في هذا الفَصلِ كَثيرًا مِنَ النُّقولِ عن جَماعةٍ مِنَ الصُّوفيَّةِ فيها حِكاياتٌ عن رُؤيةِ الأولياءِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً، وذَكَر في هذا الفَصلِ كَثيرًا مِنَ الغَرائِبِ حَولَ مَجالِسِ الأنبياءِ والأقطابِ في المَسجِدِ الحَرامِ عِندَ الكَعبةِ بأجسادِهم وتَصَرُّفِهم بأنفُسِهم ووُكَلائِهم في الخَلْقِ، وذَكَرَ فيه أيضًا أنَّ الأنبياءَ والأولياءَ لا يَبقونَ في قُبورِهم بَعدَ الوَفاةِ إلَّا زَمانًا مَحدودًا يَتَفاوَتُ حَسَبَ تَفاوُتِ دَرَجاتِهم ومَراتِبِهم، ثُمَّ خَتَمَ الفَصلَ بقَولِه: (إذا نَظَرتَ وتَحَقَّقتَ بجَميعِ ما تَقَدَّم مِن أوَّلِ الفَصلِ إلى هنا ظَهَرَ لك ظُهورًا لا غُبارَ عليه أنَّ اجتِماعَ القُطبِ المَكتومِ والبَرزَخِ المَختومِ شَيخِنا أحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التِّجانيِّ -سَقانا اللهُ تعالى مِن بَحرِه بأعظَمِ الأواني، ورَزَقَنا جِوارَه في دارِ التَّهاني رَضيَ اللهُ تعالى عنه وأرضاه وعَنَّا به- بسَيِّدِنا رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً لا مَنامًا، وأخْذَه -رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به- عن سَيِّدِنا جَدِّه رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُشافَهةً منه إليه رَضيَ اللهُ تعالى عنه وأرضاه وعَنَّا به وأعادَ علينا مِن بَرَكاتِه دُنيا وبَرزَخًا وأخرى، وحُضورَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَعَه الخُلَفاءُ الأربَعةُ رَضيَ اللهُ عنهم بأجسادِهم وأرواحِهم قِراءةَ «جَوهَر الكمالِ»، وعِندَ أيِّ مَجلِسِ خَيرٍ أو أيِّ مَكانٍ شاؤوا: لا يُنكِرُه إلَّا الطَّلَبةُ الجَهَلةُ الأغبياءُ والحَسَدةُ المَرَدةُ الأشقياءُ، لا مَهديَّ إلَّا مَن هَداه اللهُ تعالى)
[426] ((رماح حزب الرحيم)) (1/ 198، 199). !
3- زَعمُهم رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً وحُضورَه مَجالِسَهم:مِن خُرافاتِ التِّجانيَّةِ أيضًا وافتِراءاتِهم زَعمُهم رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دائِمًا، وحُضورُه مَجالِسَ ذِكرِهمُ المُبتَدَعةَ، وهذه أقوالُهم في ذلك:
- قال حرازمُ: (سَألَ سَيِّدَ الوُجودِ وعَلَمَ الشُّهودِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كُلِّ نَفَسٍ مَشهودٍ- عن نَسَبِه، وهَل هو مِنَ الأبناءِ والأولادِ، أو مِنَ الآلِ والأحفادِ؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَولِه: أنت ولَدي حَقًّا، كَرَّرَها ثَلاثًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: نَسَبُك إلى الحَسَنِ بنِ عَليٍّ صَحيحٌ. وهذا السُّؤالُ مِن سَيِّدِنا رَضيَ اللهُ عنه لسَيِّدِ الوُجودِ يَقَظةً لا مَنامًا، وبَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمورٍ عِظامٍ جِسامٍ)
[427] ((جواهر المعاني)) (2/228). !
- وقال أيضًا عَنِ الصَّلاةِ المُسَمَّاةِ بياقوتةِ الحَقائِقِ: (هي مِن إملاءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن لفظِه الشَّريفِ على شَيخِنا يَقَظةً لا مَنامًا)
[428] ((جواهر المعاني)) (1/30، 31). .
- وقال أيضًا فيما يَرويه عن شَيخِه التِّجانيِّ: (قال: رَأيتُه مَرَّةً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وسَألتُه عَنِ الحَديثِ الوارِدِ في سَيِّدِنا عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ. قُلتُ له: ورَدَ عَنك رِوايَتانِ صَحيحَتانِ، واحِدةٌ قُلتَ فيها: يَمكُثُ بَعدَ نُزولِه أربَعينَ، وقُلتَ في الأخرى: سَبعًا.. ما الصَّحيحةُ منها؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رِوايةُ السَّبعِ)
[429] ((جواهر المعاني)) (1/50). .
وقَد قيلَ بأنَّ هذا الذي زَعَمَه التِّجانيُّ أنَّه استَفادَ مِنَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ بشَأنِ تَرجيح (رِوايةُ سَبعةِ أيَّامٍ على أربَعينَ يَومًا) سَرَقَه التِّجانيُّ مِن كِتاب (الإبريز) للدَّبَّاغِ، فهناك قد زَعَمَ الدَّبَّاغُ أيضًا أنَّه استَفادَ هذا مِنَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! وقَد كان هذا شَأنَ التِّجانيِّ دائِمًا؛ كُلَّما سَمِعَ أنَّ أحدًا سَبَقَه مِن رِجالِ التَّصَوُّفِ في قَولٍ أو نَحوِه، قال نَحوَه وزادَ، كما سَمِعَ أو قَرَأ أنَّ عبدَ القادرِ الجيلانيَّ قال عن نَفسِه: (قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ). فقال التِّجانيُّ: (وأمَّا أنا فأقولُ: قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ مِن خَلقِ آدَمَ إلى النَّفخِ في الصُّورِ). وسَمِعَ أو قَرَأ أنَّ ابنَ عَرَبيٍّ قال: (إنَّه خاتَمُ الأولياءِ)، فقال: (بل أنا خاتَمُ الأولياءِ). وهكذا، فقَدَ رَدَّدَ مُعظَمَ الكَذِبِ الذي سَبَقَه به غَيرُه وزاد عليه أحيانًا!
والتِّجانيَّةُ لم يَجعَلوا رُؤيةَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ خاصَّةً بالتِّجانيِّ، بل جَعَلوها بكُلِّ مَن زَعَموا أنَّه بَلَغَ دَرَجةَ العِرفانِ في زَعمِهم. ومِن نُصوصِهم في ذلك:
- قال الفوتي: (ولا يَكمُلُ العَبدُ في مَقامِ العِرفانِ حَتَّى يَصيرَ يَجتَمِعُ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً ومُشافَهةً...)
[430] ((رماح حزب الرحيم)) (1/199). .
- قال العَرَبيُّ: (منهم مَن يَرى رُوحَه في اليَقَظةِ مُتَشَكِّلةً بصورَتِه الشَّريفةِ، ومنهم مَن يَرى حَقيقةَ ذاتِه الشَّريفةِ وكَأنَّه مَعَه في حَياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهؤلاء هم أهلُ المَقامِ الأعلى في رُؤيَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[431] ((بغية المستفيد)) (ص: 79، 80). .
إنَّ المُفتَرَقَ الأوَّلَ بَينَ دينِ الإسلامِ ودينِ التَّصَوُّفِ هو الافتِراقُ في التَّلَقِّي؛ بَينَما يَتَلَقَّى المُسلِمونَ دينَهم بَعدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماع الأمَّةِ، فإنَّ المُتَصَوِّفةَ يَجعَلونَ تَلقِّيَهم للدِّينِ مِن كُلِّ مَن هَبَّ ودَبَّ مِمَّن يَزعُمُ مُلاقاةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا كَذِبٌ بإجماعِ الأمَّةِ، أو مُلاقاةَ الخَضِرِ، وهذا كَذِبٌ وافتِراءٌ بَيِّنٌ، فلِمَ يتعَبَّدْنا اللَّهُ بخَضِرٍ أو بغَيرِه، أو مِمَّن يَزعُمُ رُؤيةَ المَلائِكةِ، أو مِمَّن يَزعُمُ تَلَقِّيَ الدِّينِ مِنَ اللَّوحِ المَحفوظِ رَأسًا، ومِمَّن يَتَجاوَزُ كُلَّ ذلك فيَقولُ: يَأتيني كَلامُ اللَّهِ مَكتوبًا في ألواحٍ مِن نورٍ!