المَطلَبُ الثَّامنُ: أبرَزُ المُحَرَّماتِ عِندَ اليَزيديَّةِ
1- تَحرُمُ الصَّلواتُ العُموميَّةُ (صَلاةُ الجَماعةِ)، وأمَّا الصَّلواتُ الخُصوصيَّةُ (الانفِراديَّةُ) فيَقومُ بها الأفرادُ من غَيرِ جَهرٍ. والبُيورةُ (جَمعُ بيرٍ) يَتَعَلَّمونَ الصَّلواتِ شِفاهًا خَلَفًا عن سَلَفٍ، ولا يَجهَرونَ بها، بل يُدمدِمون بها دَمدَمةً.
2- يُحَرِّمونَ القِراءةَ والكِتابةَ تَحريمًا دينيًّا -ويُستَثنى من ذلك سُلالةٌ مُحَدَّدةٌ- لأنَّهم يَعتَمِدونَ على عِلمِ الصَّدرِ، فأدَّى ذلك إلى انتِشارِ الجَهلِ والأمِّيَّةِ بَينَهم؛ ممَّا زادَ في انحِرافِهم ومُغالاتِهم بيزيدَ وعَديٍّ وإبليسَ.
3- يَحرُمُ البُصاقُ بصَوتٍ يَخرُجُ منَ الشَّفتَينِ أوِ الفمِ؛ لأنَّهم يَعتَبرونَ ذلك شَتمًا للشَّيطانِ. ويُؤَوِّلونَ غايةَ الباصِقِ بهذه الصُّورةِ تَوجيهَ التَّفلةِ إلى المَلَكِ طاووسٍ.
4- يَحرُمُ لُبسُ الثِّيابِ الزَّرقاءِ؛ لأنَّه من أبرَزِ ألوانِ الطَّاووسِ، ويَلتَزِمونَ بلُبسِ الثِّيابِ البَيضاءِ إن كانوا منَ العامَّةِ، والثِّيابِ السَّوداءِ إذا كانوا من خَدَمةِ الدِّينِ، أمَّا الثِّيابُ الحَمراءُ فليست مُحَرَّمةً، لكِن قَلَّما يَلبَسونَها
[1802] ذَكر الزَّمَخشَريُّ في ((الكَشَّاف)) أنَّ اللَّونَ الأزرَقَ أسوأُ الألوانِ عِندَ العَرَبِ؛ لأنَّ الرُّومَ أعداءَ العَرَبِ كانوا زُرقَ العُيونِ. وما زالت قَبائِلُ الأكرادِ في شَمالِ العِراقِ تَستَكرِهُ الألبِسةَ الزَّرقاءَ، في حينِ أنَّ اليَزيديَّةَ الصَّابئةَ يُحَرِّمونَ اللَّونَ الأزرَقَ كَما ذَكَرنا. .
5- لا يَجوزُ لهم أن يَلبَسوا السَّراويلَ بَعدَ الغُسلِ وهم وُقوفٌ، ولكِن يَجوزُ ذلك بَعدَ قَضاءِ الحاجةِ
[1803] ((اليزيدية قديمًا وحديثًا)) (ص: 103). .
6- يَحرُمُ عليهم قَضاءُ الحاجةِ في المَحَلِّ المَبنيِّ لهذه الغايةِ، بل في الفضاءِ أو في فناءِ الدَّارِ؛ لأنَّهم يَعتَقِدونَ أنَّ غَيرَ اليَزيديَّةِ يُعَيِّنونَ الشَّيطانَ دائِمًا باعتِقادِهم أنَّه مَوجودٌ في الحَمَّامِ. فإذا دَخَلوه وقَضَوا الحاجةَ فيه كأنَّهم فعَلوا ذلك على طاوُوسِهم، وهذا إثمٌ كَبيرٌ تَسامَحوا به مُؤَخَّرًا.
7- حَرامٌ عِندَهم منَ اللُّحومِ: لحمُ الخِنزيرِ، ولحمُ كُلِّ أنواعِ السَّمَكِ، ولحمُ الغَزالِ، كَما يَحرُمُ على الشُّيوخِ وسائِرِ رِجالِ الدِّينِ أكلُ لحمِ الدِّيَكةِ؛ لأنَّ طاووس مَلَك جاءَ على هَيئةِ الدِّيكِ.
8- حَرامٌ عِندَهم منَ البُقولِ والخَضراواتِ: الخَسُّ، والمَلفوفُ، واللُّوبياءُ، والقَرعُ. أمَّا الخَسُّ فإنَّهم يَعتَبرونَه أخَسَّ ما خَلقَه اللهُ على وَجهِ الأرضِ، وإذا أرادوا ذِكرَه قالوا: (ذلك الوَحِشُ). ويَرجِعُ سَبَبُ كَراهَتِهم له إلى أنَّ الشَّيخَ عَديًّا في زَعمِهم مَرَّ يَومًا ببُستانٍ، فرَآه مَزروعًا. فسَأل عنه فلم يُجِبْه أحَدٌ. فقال: لا يَجوزُ أن يَأكُلَ منه أحَدٌ. وما زال الخَسُّ حتَّى اليَومِ مُحَرَّمًا على كُلِّ يَزيديٍّ. حتَّى إنَّهم لا يَعبُرونَ حَقلًا زُرِعَ فيه الخَسُّ
[1804] يُنظر: ((اليزيدية قديما وحديثا)) (ص: 102). .
9- لا يَشرَبونَ من كوزٍ أو جَرَّةٍ تُبَقبِقُ؛ لأنَّهم يَزعُمونَ أنَّ ما يُبَقبِقُ هو روحُ حَيَّةٍ مَوجودةٍ فيه، وعِندَ بَعضِهم أنَّ مَن يَحمِلُ الإبريقَ منهم كأنَّه أعلنَ إسلامَه.
10- يَحرُمُ عليهم حَلقُ شوارِبِهم أو قَصُّها بالمِقَصِّ، إلَّا أنَّ تَخفيفَها مُستَحَبٌّ. بخِلافِ اللِّحيةِ التي يُفضَّلُ حَلقُها. ولا مانِعَ من أن تُحفى الشَّوارِبُ وأن تُحفى اللِّحى. أمَّا الشُّيوخُ فلا يَجوزُ لهم حَلقُ شَيءٍ. واليَومَ يحلِقُ اليزيديُّون لحاهم جَميعًا، ويَدَعونَ شَوارِبَهم، في حينِ أنَّ القوَّالينَ والبُيورةَ ورِجالَ الدِّينِ لا يَجوزُ لهم حَلقُ لحاهم. ولا يَجوزُ أن يحلِقَ اليَزيديُّ لحيَتَه لدى غَيرِ اليَزيديِّ، ولا أن يَحلِقَها بموسى حَلقَ بها غَيرُ يَزيديٍّ.
11- لا يَجوزُ لليَزيديِّ أن يَحضُرَ صَلاةَ المُسلمينَ في أيِّ مَكانٍ؛ لأنَّه إذا سَمِعَ المُسلمَ وهو يُصَلِّي يَلعنُ الشَّيطانَ، فبحَسَبِ مُصحَفِ رش يَجِبُ أن يَقتُلَه.
12- لا يَجوزُ استِخدامُ الجَوادِ والفرَسِ في التَّحميلِ.
13- لا يَجوزُ لليَزيديِّ أن يَبتَعِدَ أكثَرَ من سَنةٍ عن مَوطِنِه. وإن غاب أكثَرَ من عامٍ حَرُمَت عليه زَوجَتُه.
14- يَحرُمُ على اليَزيديِّ أن يَنظُرَ إلى امرَأةٍ غَيرِ يَزيديَّةٍ ولا أن يُمازِحَها.
15- يَحرُمُ على الزَّوجِ إتيانُ زَوجَتِه ليلةَ الأربعاءِ وليلةَ الجُمُعةِ لقُدسيَّتِهما عِندَهم.
16- يَحرُمُ الزَّواجُ في شَهرِ نيسانَ إلَّا أنَّ ذلك مَسموحٌ فقَط للكواجِكِ
[1805] يُنظر: ((اليزيدية عبدة الشيطان)) للحصين (ص: 25)، ((تاريخ اليزيدية: النشأة - الفكر والمعتقدات - العادات والطقوس)) لصديقي (ص: 370). .
17- يَعتَقِدونَ أنَّ المَلائِكةَ تَتَّصِلُ فيما بَينَها في شَهرِ نيسانَ؛ لذا يَحرُمُ عليهمُ الزَّواجُ في هذا الشَّهرِ، كَما لا يَجوزُ لهم بناءُ المَنازِلِ في هذا الشَّهرِ. ويَقولونَ: إنَّ كَثيرًا منَ الذينَ تَزَوَّجوا أو بَنَوا في شَهرِ نيسانَ ماتوا.
18- لا يَجوزُ لليَزيديِّ أن يُطلِعَ غَيرَ اليَزيديِّ على كِتابَيه المُقدَّسَينِ، جاءَ في كِتابِ (الجَلوةِ): (وهو الكِتابُ الذي لا يَجوزُ أن يَقرَأَه الخارِجونَ على المِلَّةِ).
وقد تَغاضى مُعظَمُ اليَزيديَّةِ -ولا سيَّما المُثَقَّفينَ منهم- عن مُعظَمِ هذه المُحَرَّماتِ في العَصرِ الحاضِر، وراحوا يَتَّبِعونَ الشَّريعةَ الإسلاميَّةَ، أو يَظَلُّونَ بلا دينٍ
[1806] يُنظر لهذه المحرمات: ((اليزيديون واقعهم تاريخهم معتقداتهم)) للتوبخي (ص: 103). .