المَبحَثُ الأوَّلُ: المسائِلُ التي اختلف فيها الماتُريديَّةُ والمُعتزِلةُ
الاختلافُ بَينَ
الماتُريديَّةِ و
المُعتزِلةِ كثيرٌ، وللماتُريديَّةِ ردودٌ كثيرةٌ على
المُعتزِلةِ، وإن كانوا تأثَّروا بهم في بَعضِ المسائِلِ
[770] يُنظر: ((فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها)) لغالب عواجي (3/1233- 1235)، ((الماتريدية دراسة وتقويمًا)) للحربي (ص: 503 – 508). .
أوَّلًا: مصدَرُ التَّلقِّي هل هو العقلُ أو النَّقلُ؟ ذهبت
المُعتزِلةُ إلى أنَّه العقلُ.
وقالت
الماتُريديَّةُ: مصدَرُ التَّلقِّي العَقلُ فيما يتعلَّقُ بالإلهيَّاتِ والنُّبوَّاتِ، وأمَّا فيما يتعلَّقُ باليومِ الآخِرِ فمَصدَرُه السَّمعُ، وسمَّوا هذه المسائِلَ ونحوَها بالسَّمعيَّاتِ.
ثانيًا: أسماءُ اللهِ ودلالتُها على الصِّفاتِالمُعتزِلةُ قالوا: سميعٌ بلا سمعٍ، بصيرٌ بلا بَصَرٍ، إلى آخِرِه.
والأصلُ عِندَ
الماتُريديَّةِ أنَّها ثابتةٌ بدلالاتِها على الصِّفاتِ الثَّابتةِ عِندَهم.
ثالثًا: الصِّفاتُ القائمةُ بذاتِ اللهِ تعالىنفى
المُعتزِلةُ جميعَ الصِّفاتِ القائمةِ بذاتِ اللهِ تعالى.
وأثبت
الماتُريديَّةُ ثمانيَ صفاتٍ: العِلمُ، والقُدرةُ، والإرادةُ، والسَّمعُ، والبَصَرُ، والكلامُ، والتَّكوينُ.
رابعًا: كلامُ اللهِ تعالىيعتَقِدُ
المُعتزِلةُ أنَّ القرآنَ كَلامُ اللهِ مُحدَثٌ مخلوقٌ.
ويعتَقِدُ
الماتُريديَّةُ أنَّه كلامُ اللهِ النَّفسيُّ، وأنَّه قديمٌ أزَليٌّ غيرُ مخلوقٍ، لكنَّهم قالوا بأنَّ كلامَ اللهِ ليس حرفًا ولا صوتًا، وأنَّه لا يُسمَعُ، وصرَّح بعضُهم بأنَّ ما سمعه موسى من كلامِ اللهِ هو كلامٌ مخلوقٌ!
خامسًا: أفعالُ العبادِنفت
المُعتزِلةُ خَلْقَ اللهِ لأفعالِ العبادِ وإرادتَه لها.
وأثبتَت
الماتُريديَّةُ أنَّها خَلقٌ للهِ تعالى، وكَسبٌ من العبادِ لها.
سادِسًا: الاستطاعةُ هل تكونُ مع الفِعلِ أم قَبْلَه؟نفى
المُعتزِلةُ أن تكونَ الاستطاعةُ مع الفِعلِ، وجعلوها قَبْلَه.
وأثبتَتْها
الماتُريديَّةُ قبل الفِعلِ ومع الفِعلِ.
سابعًا: رؤيةُ المؤمنينَ لله سُبحانَه في الآخِرةِنفت
المُعتزِلةُ رؤيةَ المؤمنينَ للهِ سُبحانَه في الآخِرةِ.
وأثبتَتْها
الماتُريديَّةُ.
ثامنًا: الجنَّةُ والنَّارُ هل هما مخلوقتانِ الآنَ؟الجنَّةُ والنَّارُ غير مخلوقتينِ ولا موجودتينِ الآنَ عِندَ
المُعتزِلةِ، بل يخلُقُهما اللهُ يومَ القيامةِ.
وقالت
الماتُريديَّةُ بخَلْقِهما الآنَ.
تاسعًا: الشَّفاعةُ لأهلِ الكبائِرِنفى
المُعتزِلةُ الشَّفاعةَ لأهلِ الكبائِرِ.
وأثبتَتْها
الماتُريديَّةُ؛ لورودِ السَّمعِ بها.
عاشِرًا: كراماتُ الأولياءِنفت
المُعتزِلةُ كراماتِ الأولياءِ.
وأثبتَتْها
الماتُريديَّةُ.
حادِيَ عَشَرَ: مفهومُ الإيمانِالإيمانُ عِندَ
المُعتزِلةِ قولٌ واعتقادٌ وعَمَلٌ.
وعندَ
الماتُريديَّةِ هو التَّصديقُ بالقَلبِ، ومنهم من زاد الإقرارَ باللِّسانِ.
ثانيَ عَشَرَ: حُكمُ مُرتَكِبِ الكبيرةِمرتَكِبُ الكبيرةِ عِندَ
المُعتزِلةِ في منزلةٍ بَينَ المنزلتَينِ في الدُّنيا، وأمَّا في الآخرةِ فهو خالِدٌ في النَّارِ.
وعند
الماتُريديَّةِ هو مؤمِنٌ كامِلُ الإيمانِ، مع كونِه فاسِقًا بمعصيتِه، وفي الآخرةِ هو تحت المشيئةِ.
ثالِثَ عَشَرَ: إيمانُ المُقَلِّدِلا يصِحُّ إيمانُ المُقَلِّدِ عِندَ
المُعتزِلةِ.
وذهبَت
الماتُريديَّةُ إلى صِحَّتِه مع الإثمِ على تَركِه الاستدلالَ.
رابِعَ عَشَرَ: زيادةُ الإيمانِ ونُقصانُهعندَ
المُعتزِلةِ الإيمانُ يزيدُ ويَنقُصُ؛ لإدخالِهم الأعمالَ في مسمَّى الإيمانِ.
وعندَ
الماتُريديَّةِ لا يزيدُ الإيمانُ ولا ينقُصُ؛ لأنَّه مجرَّدُ التَّصديقِ، أو التَّصديقُ والإقرارُ باللِّسانِ.