موسوعة أصول الفقه

المَطلَبُ الثَّالِثُ: هَل يَجوزُ الخَطَأُ في اجتِهادِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟


يَجوزُ الخَطَأُ في اجتِهادِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَكِنْ لا يُقِرُّه اللَّهُ تعالى على خَطَأٍ في اجتِهادِه، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [96] يُنظَر: ((أصول السرخسي)) (2/ 91)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/ 190). ، ومِنهمُ ابنُ الهُمامِ [97] يُنظَر: ((التحرير)) (ص: 527)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/ 191). ، واختارَه مِنَ المالِكيَّةِ: ابنُ الحاجِبِ [98] يُنظَر: ((الردود والنقود)) للبابرتي (2/ 712)، ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (3/ 341). ، وذَهَبَ إليه أكثَرُ الشَّافِعيَّةِ [99] يُنظَر: ((الإحكام)) للآمدي (4/ 216). ، ومِنهمُ الآمِديُّ [100] يُنظَر: ((الإحكام)) (4/ 216). ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [101] يُنظَر: ((الواضح)) لابن عقيل (5/ 452)، ((المسودة)) لآل تيمية (ص: 509). ، وذَكَر الخَطَّابيُّ أنَّ (أكثَرَ العُلَماءِ مُتَّفِقونَ على أنَّه قد يَجوزُ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الخَطَأُ فيما لم يَنزِلْ عليه فيه وَحيٌ، ولَكِنَّهم مُجمِعونَ على أنَّ تَقريرَه على الخَطَأِ غَيرُ جائِزٍ) [102] ((أعلام الحديث)) (1/ 225). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ القُرآنِ الكَريمِ
1- قَول اللهِ تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة: 43] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه يَدُلُّ على خَطَئِه في الإذنِ، وهو بالاجتِهادِ؛ لأنَّه لو كان بالوَحيِ لَما عاتَبَه عليه [103] يُنظَر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (3/ 341)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/ 191). .
2- قَولُ اللهِ تعالى في أُسارى بَدرٍ: مَا كَانَ لِنَبيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى [الأنفال: 67] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فهنا نُهيَ عن أخذِ الفِداءِ. وذلك يَدُلُّ على خَطَئِه في اجتِهادِه في أخذِ الفِداءِ [104] يُنظَر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (3/ 341- 343)، ((تيسير التحرير)) لأمير بادشاه (4/ 191). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما أنا بَشَرٌ، وإنَّكُم تَختَصِمونَ إليَّ، ولَعَلَّ بَعضَكُم أن يَكونَ ألحَنَ بحُجَّتِه مِن بَعضٍ فأقضيَ نَحوَ ما أسمَعُ، فمَن قَضَيتُ له بحَقِّ أخيه شَيئًا فلا يَأخُذْه؛ فإنَّما أقطَعُ له قِطعةً مِنَ النَّارِ)) [105] أخرجه البخاري (7169) واللفظ له، ومسلم (1713) من حديثِ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أخبَرَ أنَّه قد يَقضي بما لا يَكونُ مُطابِقًا للحَقِّ في نَفسِ الأمرِ اجتِهادًا منه، فيَكونُ خَطَأً [106] يُنظَر: ((بيان المختصر)) لشمس الدين الأصفهاني (3/ 344). .
وقيلَ: لا يَجوزُ الخَطَأُ في اجتِهادِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو مَذهَبُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ [107] يُنظَر: ((حاشية العطار على جمع الجوامع)) (2/ 426). ، ومِنهم: ابنُ السُّبكيِّ [108] يُنظَر: ((جمع الجوامع)) (ص: 119)، ((تشنيف المسامع)) للزركشي (4/ 579). ، والبِرْماويُّ [109] يُنظَر: ((الفوائد السنية)) (5/ 2236). ، وبَعضِ الحَنابِلةِ، ومِنهم: ابنُ اللَّحَّامِ [110] يُنظَر: ((المختصر)) (ص: 164). .

انظر أيضا: