موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّاني: التَّأكُّدُ مِن مَصدَرِ الفتوى


يحسُنُ بمَن نُقِلَت إليه فتوى التَّأكُّدُ مِن مَصدَرِها، سَواءٌ استَغرَبَها أو لا؛ لأنَّ الخَبَرَ إن أتاهَ مِن ثِقةٍ عَدلٍ ضابِطٍ فلا مانِعَ مِن قَبولِه منه، لكِن لا يَقبَلُه مِن مَستورِ الحالِ أو مَجهولِ العَدالةِ، بَل عليه أن يَتَأكَّدَ مِن مَصدَرِ الفتوى بنَفسِه، سَواءٌ بالرُّجوعِ إليه وبِسُؤالِه مُباشَرةً، أو بقِراءةِ كِتابِه، أو تَصَفُّحِ موقِعِه على الإنترنت أو أيِّ مَصدَرٍ آخَرَ يُمكِنُ أن يَثِقَ به؛ وذلك لأنَّ الفتوى التي تُنقَلُ تَضعُفُ بأمورٍ:
1- قد يَكونُ المُفتي سَمِع الاستِفتاءَ خَطأً وأجابَ عَمَّا سَمعَ، وفَهِم السَّامِعُ للاستِفتاءِ والفتوى أنَّ تلك الفتوى لهذا السُّؤالِ، ثُمَّ نَقَلَها على هذا النَّحوِ، فيَقولُ: إنَّ المُفتيَ الفُلانيَّ أوِ العالِمَ الفُلانيَّ قال في مَسألةِ كَذا كَذا، ونَحوَ ذلك مِن صيَغِ النَّقلِ.
2- قد يَكونُ المُفتي أفتى فتوى موافِقةً للسُّؤالِ، لكِنَّ المُستَفتيَ فَهِمَها خَطَأً، أو مَن سَمِع الفتوى فَهِمها خَطَأً، فيَنقُلُها على ذلك الفَهمِ الخَطَأِ.
3- قد يَكونُ المُفتي أفتى فتوى موافِقةً للسُّؤالِ، والمُستَفتي فَهِمَها على مُرادِ المُفتي، لكِن لمَّا نَقَلَها نَقَلَها على غَيرِ صيغةِ المُفتي، ففَهِمَها السَّامِعُ للنَّقلِ على غَيرِ وَجهِها. وغَيرُها مِنَ الاحتِمالاتِ التي قد تُؤَثِّرُ في الفتوى وفي نَقلِها؛ فليَحرِصِ النَّاقِلُ للفتوى على النَّقلِ الصَّحيح لها، وليَحرِصِ المُتَلَقِّي لها على عَدَمِ قَبولِها والعَمَلِ بها حتَّى يَغلِبَ على ظَنِّه صِحَّةُ نِسبَتِها للمُفتي.

انظر أيضا: