موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّاني: تَعريفُ الإجماعِ اصطِلاحًا


الإجماعُ اصطِلاحًا هو: اتِّفاقُ مُجتَهِدي العَصرِ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أمرٍ دينيٍّ [691] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) للطوفي (3/6). .
وقيل هو: اتِّفاقُ مُجتَهِدي الأُمَّةِ بَعدَ وفاةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عَصرٍ على أيِّ أمرٍ كان [692] يُنظر: ((جمع الجوامع)) لابن السبكي (ص: 76)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص:485). .
وقيل هو: اتِّفاقُ جُملةِ أهلِ الحَلِّ والعَقدِ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عَصرٍ مِن الأعصارِ على حُكمِ واقِعةٍ مِن الوقائِعِ [693] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/196). .
وقيل هو: اتِّفاقُ عُلماءِ العَصرِ على حُكمِ الحادِثةِ [694] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/461). .
وقيل هو: اتِّفاقُ أهلِ الحَلِّ والعَقدِ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أمرٍ مِن الأُمورِ [695] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (4/ 20)، ((منهاج الوصول)) للبيضاوي (ص: 173)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (5/2021). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبَيانُ مُحتَرَزاتِه:
- "اتِّفاقُ": تَعني: التَّوافُقَ، وتَعُمُّ الأقوالَ والأفعالَ والسُّكوتَ والتَّقريرَ عِندَ القائِلِ به.
- عِبارةُ "مُجتَهِدي العَصرِ": تَعني المُجتَهدينَ في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ، وهيَ احتِرازٌ عن اتِّفاقِ بَعضِ المُجتَهِدينَ، وأيضًا احتِرازٌ عن اتِّفاقِ العامَّةِ، فلا يُسَمَّى إجماعًا؛ إذ العَوامُّ لا عِبرةَ بوِفاقِهم ولا خِلافِهم، وعبَّر البَعضُ بأهلِ الحَلِّ والعَقدِ، وهو يَدُلُّ على نَفسِ المَعنى.
- "العَصرِ": دلَّـت على أنَّه يَكفي اتِّفاقُ المُجتَهِدينَ في عَصرٍ مِن الأعصارِ، ثُمَّ يَصيرُ حُجَّةً عليهم وعلى مَن بَعدَهم، ودُفِعَ به تَوهُّمُ إرادةِ اجتِماعِ كُلِّ المُجتَهِدينَ في جَميعِ الأعصارِ إلى يَومِ القيامةِ.
- عِبارةُ "مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم": احتِرازٌ عن اتِّفاقِ المُجتَهِدينَ مِن أربابِ الشَّرائِعِ السَّالِفةِ، فليسَ إجماعًا يَجِبُ العَمَلُ به.
- عِبارةُ "على أمرٍ دينيٍّ": احتِرازٌ عن الاتِّفاقِ على أُمورٍ دُنيَويَّةٍ، فلا تُعتَبَرُ حُجَّةً يَلزَمُ العَمَلُ بها؛ لأنَّ قَولَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليسَ مُلْزِمًا في الأُمورِ الدُّنيَويَّةِ، كما في تَلقيحِ النَّخلِ؛ فقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرى الرَّأيَ في الحُروبِ ويُراجِعُه الصَّحابةُ، فيَترُكُ رَأيَه لرَأيِهم، فإذا لم يَكُنْ قَولُهُ كَذلك فقَولُ أهلِ الإجماعِ مِن بابِ أَولى؛ لأنَّ الإجماعَ أدنى مَرتَبةً مِن قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [696] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/196)، ((المحصول)) للرازي (4/ 20)، ((شرح تنقيح الفصول)) للقرافي (ص:322)، ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (5/2022،2021)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص:486)، ((تيسير الوصول)) لابن إمام الكاملية (5/41)، ((الإجماع)) لعليان (ص:66). .
ومَن يَرى أنَّ الإجماعَ يَكونُ في الأُمورِ العَقليَّةِ والعُرفيَّةِ يَستَبدِلُ هذه العِبارةَ بعِبارةِ (على حُكمِ واقِعةٍ مِن الوقائِعِ) [697] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/196). ، أو: (على أيِّ أمرٍ كان) [698] يُنظر: ((جمع الجوامع)) لابن السبكي (ص: 76)، ((الغيث الهامع)) لأبي زرعة العراقي (ص:485)، ((الفوائد السنية)) للبرماوي (1/410)، ((التحبير)) للمرداوي (4/1522). .

انظر أيضا: