تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
تَظهَرُ أهَمِّيَّةُ الإجماعِ فيما يلي: 1- الإجماعُ يَحفَظُ أصلَ الدِّينِ: فمَن أنكَرَ كونَ الإجماعِ حُجَّةً مُوجِبةً للعِلمِ فقد أبطَل أصلَ الدِّينِ؛ لأنَّ مَدارَ أُصولِ الدِّينِ ومَرجِعَ المُسلِمينَ إلى إجماعِهم، فالمُنكِرُ لذلك يَسعى في هَدمِ أصلِ الدِّينِ [699] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/296). . 2- الإجماعُ المَعلومُ مِن الدِّينِ بالضَّرورةِ يُظهِرُ حَجمَ الأُمورِ التي اتَّفقَت فيها الأُمَّةُ، بحَيثُ لا يَستَطيعُ أهلُ الزَّيغِ والضَّلالِ إفسادَ دينِ المُسلِمينَ [700] يُنظر: ((نظرة في الإجماع الأصولي)) لعمر الأشقر (ص: 362). . 3- العِلمُ بالقَضايا المُجمَعِ عليها يُعطي الثِّقةَ بهذا الدِّينِ، ويُؤَلِّفُ قُلوبَ المُسلمينَ، ويَسُدُّ البابَ على المُتَقَوِّلينَ الذينَ يَزعُمونَ أنَّ الأُمَّةَ مُختَلِفةٌ في كُلِّ شَيءٍ [701] يُنظر: ((نظرة في الإجماع الأصولي)) لعمر الأشقر (ص: 362). . 4- الإجماعُ فيه تَكريمٌ لهذه الأُمَّةِ: فالسِّرُّ في اختِصاصِ هذه الأُمَّةِ بالصَّوابِ في الإجماعِ: أنَّهم الجَماعةُ بالحَقيقةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بُعِثَ إلى النَّاسِ كافَّةً، والأنبياءُ قَبلَه إنَّما بُعِثَ كُلُّ نَبيٍّ مِنهم إلى قَومِه، وهم بَعضٌ مِن كُلٍّ، فيَصدُقُ على كُلِّ أُمَّةٍ أنَّ المُؤمِنينَ غَيرُ مُنحَصِرينَ فيهم في عَصرٍ واحِدٍ لجَوازِ وُجودِ نَبيٍّ غَيرِ النَّبيِّ الذي تَتبَعُه هذه الأُمَّةُ لدى أُمَّةٍ أُخرى في نَفسِ الزَّمانِ. 5- الإجماعُ يَكشِفُ عن وُجودِ دَليلٍ في المَسألةِ مِن غَيرِ حاجةٍ إلى مَعرِفةِ ذلك الدَّليلِ: فالإجماعُ في ذاتِه إذا انعَقدَ على حُكمٍ لا بُدَّ أن يَكونَ مُستَنِدًا إلى دَليلٍ فيه، وإن لم يُنقَلِ الدَّليلُ مَعَه؛ إذ لا يُعقَلُ أن تَجتَمِعَ كلمةُ عُلماءِ الأُمَّةِ المَوثوقِ بهم تَشَهِّيًا بلا دَليلٍ شَرعيٍّ؛ ولذلك كان الإجماعُ إذا أرادَ المُتَأخِّرونَ مَعرِفتَه إنَّما يَبحَثونَ عن وُجودِه وصِحَّةِ نَقلِه، لا عن دَليلِه [702] يُنظر: ((المدخل الفقهي العام)) للزرقا (1/78). . قال الجَصَّاصُ: (وليسَ يَمنَعُ أن يَكونَ كثيرٌ مِن الإجماعاتِ التي لا تَعرِفُها مَعَها تَوقيفٌ قد كانت صَدَرَت له عن تَوقيفٍ مِن النَّبيِّ عليه السَّلامُ، تَرَكَ النَّاسُ نَقلَه اكتِفاءً بوُقوعِ الاتِّفاقِ، وفَقدِ الخِلافِ) [703] ((الفصول)) (3/278). . 6- الإجماعُ دَليلٌ يُؤَكِّدُ حُكمَ المَسألةِ ويُقوِّيها؛ فقد تَدُلُّ عِدَّةُ أدِلَّةٍ على حُكمِ مَسألةٍ مِن المَسائِلِ [704] يُنظر: ((نظرة في الإجماع الأصولي)) لعمر الأشقر (ص: 362). كما يُقالُ: قد دَلَّ على ذلك الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ، وكُلٌّ مِن هذه الأُصولِ يَدُلُّ على الحَقِّ مَعَ تَلازُمِها [705] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (19/ 195). . 7- في الشَّريعةِ مَواضِعُ اتِّفاقٍ ومَواضِعُ سَعةٍ، وحِفظُ مَواضِعِ السَّعةِ يَكونُ بتَثبيتِ المُتَّفَقِ عليه، وعنه يَكونُ الصُّدورُ الرَّشيدُ، وهو ما تَكفَّل به دَليلُ الإجماعِ؛ فإنه يكثُرَ الخِلافُ بَينَ الأئِمَّةِ المُجتَهِدينَ الذينَ يَستَنبِطونَ الأحكامَ مِن النُّصُوصِ لاختِلافِ الأفهامِ والمَدارِكِ، كما أنَّ بَعضَ النُّصوصِ في السُّنَّةِ مُختَلَفٌ في ثُبوتِها، وهو طَريقٌ ثانٍ للخِلافِ، فإذا وُجِدَ الإجماعُ على المُرادِ مِن النَّصِّ أو على صِحَّةِ الحَديثِ اتَّقَينا الخِلافَ [706] يُنظر: ((علم أصول الفقه)) لأحمد إبراهيم (ص: 85). .