موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّاني: شُروطُ المُجمَعِ عليه


يُشتَرَطُ في المُجمَعِ عليه أن يَكونَ أمرًا دينيًّا، سَواءٌ كان حُكمًا شَرعيًّا أو اعتِقاديًّا، وقد عُزِيَ إلى بَعضِ الفُقَهاءِ [809] يُنظر: ((شرح المعالم)) لابن التلمساني (2/ 55). ، ونَصَّ عليه بَعضُ الحَنَفيَّةِ كابنِ الهُمامِ [810] يُنظر: ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/ 116). ، والشَّافِعيَّةِ كالشِّيرازيِّ [811] يُنظر: ((شرح اللمع)) (2/ 688). ، والسَّمعانيِّ [812] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) (1/486). ، والغَزاليِّ [813] يُنظر: ((المستصفى)) (ص: 137). ، وبَعضِ الحَنابلةِ [814] يُنظر: ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (1/ 648). كابنِ قُدامةَ [815] يُنظر: ((روضة الناظر)) (1/376). ، والطُّوفيِّ [816] يُنظر: ((شرح مختصر الروضة)) (3/ 6). .
أمَّا الأُمورُ الدُّنيَويَّةُ، كتَجهيزِ الجُيوشِ وتَدبيرِ الحُروبِ، والعِمارةِ والزِّراعةِ، وغَيرِها مِن مَصالِحِ الدُّنيا، فالإجماعُ ليسَ بحُجَّةٍ فيها؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما أنا بَشَرٌ، إذا أمَرَتُكُم بشَيءٍ مِن دينِكُم فخُذوا به، وإذا أمَرتُكُم بشَيءٍ مِن رَأيي فإنَّما أنا بَشَر)) [817] أخرجه مسلم (2362) من حديثِ رافِعِ بنِ خَديجٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ، فإذا كان قَولُه ليسَ مُلزِمًا في أُمورِ الدُّنيا فالإجماعُ عليها مِن بابِ أَولى [818] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/486)، ((بذل النظر)) للأسمندي (ص:548)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (3/116). ، ولأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا رَأى رَأيًا في الحَربِ راجَع الصَّحابةَ في ذلك، ورُبَّما تَرَكَ رَأيَه لرَأيِهم [819] يُنظر: ((قواطع الأدلة)) للسمعاني (1/486)، ((بذل النظر)) للأسمندي (ص:548). .
وأيضًا: الأُمورُ الدُّنيَويَّةُ تَختَلِفُ باختِلافِ المَصالحِ المُختَلِفةِ بحَسَبِ الأزمانِ؛ فلو قيل بحُجِّيَّتِه فرُبَّما تَختَلفُ تلك المَصلحةُ في بَعضِ الأزمِنةِ، وتَصيرُ المَصلحةُ في غَيرِه، فيَلزَمُ تَركُ المَصلحةِ، وإثباتُ ما لا مَصلحةَ فيه، وهو مَحذورٌ [820] يُنظر: ((نهاية الوصول)) لصفي الدين الهندي (6/ 2672). .
وقيل: الإجماعُ حُجَّةٌ في الأُمورِ الشَّرعيَّةِ وغَيرِها، كالعَقليَّةِ والدُّنيَويَّةِ، وهو اختيارُ الآمِديِّ [821] يُنظر: ((الإحكام)) (1/196). ، وابنِ السَّاعاتيِّ [822] يُنظر: ((بديع النظام)) (1/255). .

انظر أيضا: