موسوعة أصول الفقه

الفَرعُ الثَّاني: تَعريفُ الاشتِقاقِ اصطِلاحًا


الاشتِقاقُ في اصطِلاحِ الأُصوليِّينَ هو: رَدُّ لَفظٍ إلى لَفظٍ آخَرَ؛ لموافقَتِه له في حُروفِه الأصليَّةِ، ومُناسَبَتِه له في المَعنى [82] يُنظر: ((المنهاج)) للبيضاوي (ص: 82)، ((التحبير)) للمرداوي (2/544). .
وقيلَ: هو ما وافقَ أصلًا بحُروفِه الأُصولِ ومَعناه، وقد يُزادُ: بتَغييرٍ ما [83] يُنظر: ((مختصر منتهى السول والأمل)) لابن الحاجب (1/253). .
وقيلَ: هو أن تَجِدَ بَينَ اللَّفظَينِ تَناسُبًا في المَعنى والتَّركيبِ، فتَرُدَّ أحَدَهما إلى الآخَرِ [84] يُنظر: ((المحصول)) للرازي (1/237). .
شَرحُ التَّعريفِ المُختارِ وبَيانُ مُحتَرَزاتِه [85] يُنظر: ((الإبهاج)) لابن السبكي ووالده (3/517)، ((تحفة المسئول)) للرهوني (1/371)، ((التحبير)) للمرداوي (2/547)، ((المهذب)) لعبد الكريم النملة (3/1085). :
- جُملةُ "رَدُّ لَفظٍ إلى لَفظٍ آخَرَ": إشارةٌ إلى اشتِراطِ التَّغايُرِ في اللَّفظِ، فخَرَجَتِ الأسماءُ المُشتَرَكةُ.
- جُملةُ "لموافقَتِه له في حُروفِه الأصليَّةِ": إشارةٌ إلى أنَّ اشتِراطَ الموافقةِ إنَّما هو في الحُروفِ الأصليَّةِ فقَط، ولا عِبرةَ بالحُروفِ الزَّائِدةِ، فمثلًا: (دَخَلَ) مُشتَقٌّ مِن (الدُّخولِ) وإن لَم يوافِقْه في الحَرفِ الزَّائِدِ، وهو: (الواو)، وكذا (يَدخُلُ) وإن لم يوافِقْه في الياءِ.
فالمُشتَقُّ: كَلِمةٌ وافقَت أصلًا، أي: كَلِمةً أُخرى في حُروفِه الأُصولِ ومَعناه، فما لَم يوافِقْ أصلًا له لا يَكونُ مشتقًّا؛ لأنَّ المُشتَقَّ فرعُ المُشتَقِّ مِنه، فلَو كان أصلًا في الوضعِ غَيرَ مَأخوذٍ مِن غَيرِه لَم يَكُنْ مُشتقًّا، فضارِبٌ ومَضروبٌ ليس أحَدُهما مُشتَقًّا مِنَ الآخَرِ؛ إذ ليس أحَدُهما أصلًا.
ويَخرُجُ بذلك الكَلِماتُ التي توافِقُ كَلِمةً أُخرى في مَعناها لا في حُروفِها الأُصولِ، مِثلُ: (الحَبسِ، والمَنعِ)، و(الإنسانِ، والبَشَرِ)؛ فإنَّه لا يُقالُ: إنَّ أحَدَهما مُشتَقٌّ مِنَ الآخَرِ؛ لأنَّه موافِقٌ لأصلِه مَعنًى فقَط؛ إذ لا اشتِراكَ بَينَها في الحُروفِ.
- جُملةُ "ومُناسَبَتُه له في المَعنى": احتِرازٌ عنِ الذي يوافِقُه في حُروفِه الأصليَّةِ، ولَكِنَّه غَيرُ مُناسِبٍ له في المَعنى، مِثلُ الفِعلِ (ضَرَب)؛ فلا يُقالُ: إنَّه مُشتَقٌّ مِن (الضَّربِ) بمَعنى السَّيرِ في الأرضِ؛ للِاختِلافِ في المَعنى.

انظر أيضا: