موسوعة أصول الفقه

المَسألةُ الثَّانيةُ: ما تُعرَفُ به الحَقيقةُ اللُّغَويَّةُ


الوَضعُ في الحَقيقةِ اللُّغَويَّةِ غَيرُ الوَضعِ في الشَّرعيَّةِ والعُرفيَّةِ؛ فإنَّه في اللُّغةِ تَعليقُ اللَّفظِ بإزاءِ مَعنًى لَم يُعرَفْ به غَير ذلك الوَضعِ.
وأمَّا في الشَّرعيَّةِ والعُرفيَّةِ فبمَعنى غَلَبةِ الاستِعمالِ دونَ المَعنى السَّابِقِ، وصارَتِ الحَقيقةُ اللُّغَويَّةُ مَهجورةً.
فمَثَلًا أهلُ العُرفِ لَم يَضَعوا لَفظَ القارورةِ للظَّرفِ مِنَ الزُّجاجِ على جِهةِ الاصطِلاحِ، كما أنَّ الشَّرعَ لَم يَضَعْ لَفظَ الزَّكاةِ لقَطعِ طائِفةٍ مِنَ المالِ للفُقَراءِ. بَل صارَت هذه الألفاظُ شَرعيَّةً وعُرفيَّةً بكَثرةِ الاستِعمالِ، دونَ أن يَسبِقَه تَعريفٌ بتَواضُعِ الاسمِ [245] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (3/8)، ((شرح مختصر أصول الفقه)) للجراعي (1/169). .
ومِمَّا تُعرَفُ به الحَقيقةُ اللُّغَويَّةُ [246] يُنظر: ((الإحكام)) للآمدي (1/30)، ((البحر المحيط)) للزركشي (3/117)، ((المدخل)) لابن بدران (ص: 184). :
1- أن يَكونَ المَدلولُ مِمَّا يَتَبادَرُ إلى الفَهمِ بمُجَرَّدِ إطلاقِ اللَّفظِ مِن غَيرِ قَرينةٍ، يَعني: أنَّ مَن عَلِمَ أصلَ الوضعِ اللُّغَويِّ للكَلِمةِ بادَرَ إلى حَملِها على ذلك المَعنى مِن غَيرِ قَرينةٍ.
2- أن يَكونَ اللَّفظُ مِمَّا يَصِحُّ الاشتِقاقُ مِنه، والتَّصريفُ إلى الماضي والمُستَقبَلِ، واسمِ الفاعِلِ واسمِ المَفعولِ.
3- استِحالةُ نَفيِ اللَّفظِ؛ وذلك لأنَّه يَستَحيلُ أن يُقالَ للإنسانِ الجَبانِ: ليس بإنسانٍ، ويَجوزُ أن يُقالَ عنه: ليس بأسَدٍ.
4- صِحَّةُ الاستِعارةِ مِن لَفظِها؛ فإنَّه لمَّا صَحَّ استِعارةُ لفظِ (الأسَدِ) للرَّجُلِ الشُّجاعِ، عُلِمَ أنَّ لَفظَ (الأسَدِ) حَقيقةٌ في الحَيَوانِ المُفتَرِسِ، مَجازٌ في الرَّجُلِ الشُّجاعِ.

انظر أيضا: