موسوعة أصول الفقه

الفرعُ الثَّاني: تَعريفُ المُجمَلِ اصطِلاحًا


عَرَّف بَعضُ الأُصوليِّينَ المُجمَلَ بأنَّه ما لا يَستَقِلُّ بنَفسِه في المُرادِ منه حتَّى يُبانَ تَفسيرُه [443] يُنظر: ((البحر المحيط)) للزركشي (5/59)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (2/13). .
وعُرِّف بأنَّه: ما لا يُفهَمُ المُرادُ به مِن لَفظِه، ويَفتَقِرُ في البَيانِ إلى غَيرِه [444] يُنظر: ((الإشارة)) (ص: 220). .
وعُرِّف بأنَّه: لَفظٌ لا يُفهَمُ المُرادُ منه إلَّا باستِفسارٍ مِنَ المُجمَلِ، وبَيانٍ مِن جِهَتِه يُعرَفُ به المُرادُ [445] يُنظر: ((أصول السرخسي)) (1/168). .
وهذه التَّعريفاتُ مُتَقارِبةٌ، غَيرَ أنَّ مَفهومَ المُجمَلِ عِندَ الجُمهورِ يَختَلِفُ عنه عِندَ الحَنَفيَّةِ فيمَن يَصحُّ منه بَيانُ المُجمَلِ.
فعِندَ الجُمهورِ يَجوزُ تَفسيرُ المُجمَلِ مِن غَيرِ الشَّارِعِ، وهو ما عَبَّرَ عنه القاضي أبو يُعلى بقَولِه: (وأمَّا ما يَقَعُ به البَيانُ فهو الكِتابُ، والسُّنَّةُ، والإجماعُ، والقياسُ) [446] يُنظر: ((العدة)) (1/110). .
وهذا يَدُلُّ على أنَّ بَيانَ المُجمَلِ عِندَ الجُمهورِ لا يَنحَصِرُ في بَيانِ الذي أجمَلَه، بَل يُمكِنُ أن يَكونَ بالقَرائِنِ والِاجتِهادِ [447] يُنظر: ((منهج المتكلمين في استنباط الأحكام الشرعية)) لخرابشة (ص: 378). .
أمَّا عِندَ الحَنَفيَّةِ فلا يَصِحُّ بَيانُ المُجمَلِ إلَّا مِمَّن أجمَلَه.
قال مُحَمَّد بَخيت المُطيعي: (المُجمَلُ في اصطِلاحِ الحَنَفيَّةِ: ما لا يُدرَكُ المُرادُ منه بالعَقلِ، بَل بالنَّقلِ مِنَ المُجمَلِ، كمُشتَرَكٍ تَعَذَّرَ تَرجيحُ أحَدِ مَعنَيَيه أو مَعانيه؛ لعَدَمِ قَرينةٍ مُعَيِّنةٍ للمُرادِ. وعِندَ الشَّافِعيَّةِ: ما لَم تَتَّضِحْ دَلالَتُه.
وثَمَرةُ الخِلافِ: أنَّ بَيانَ المُجمَلِ عِندَ الحَنَفيَّةِ لا يَكونُ إلَّا مِنَ المُتَكَلِّمِ بالمُجمَلِ، ولا يَكونُ بالقَرائِنِ، فلا يَكونُ بَيانُه بالِاجتِهادِ، وعِندَ الشَّافِعيَّةِ يُمكِنُ بَيانُ المُجمَلِ بالقَرائِنِ، فيَصِحُّ بَيانُه بالِاجتِهادِ) [448] ((سلم الوصول لشرح نهاية السول)) (2/508). .

انظر أيضا: