موسوعة التفسير

سُورةُ النَّازِعاتِ
الآيات (27-33)

ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ

غريب الكلمات:

سَمْكَهَا: أي: بِناءَها وسَقْفَها، وأصلُ (سمك): يدُلُّ على عُلُوٍّ [159] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/89)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/102)، ((المفردات)) للراغب (ص: 426)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 437)، ((تفسير القرطبي)) (19/203)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 518). .
فَسَوَّاهَا: أي: جَعَلَها مُسْتَوِيةَ الخَلْقِ مُعَدَّلةَ الشَّكْلِ، والتَّسويةُ: جَعْلُ الشَّيءِ سَواءً، أي: مُعَدَّلًا مُقَوَّمًا، وأصلُ (سوي): يدُلُّ على استِقامةٍ واعْتِدالٍ بيْنَ شيئَيْنِ [160] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/88)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/112)، ((تفسير العليمي)) (7/340)، ((تفسير الشوكاني)) (5/457)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/368). .
وَأَغْطَشَ: أي: أظلَمَ، وأصلُ (غطش): يدُلُّ على ظُلْمةٍ [161] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/89)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/429)، ((تفسير القرطبي)) (19/204)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316). .
دَحَاهَا: أي: بَسَطَها ومَدَّها مُسْتَوِيةً، وأصلُ (دحو): يدُلُّ على بَسطٍ وتمهيدٍ [162] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 513)، ((تفسير ابن جرير)) (24/95)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 222)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/333)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 448). .
أَرْسَاهَا: أي: أثبَتَها، يُقالُ: رَسَا الشَّيءُ يَرْسُو: ثبَت، وأَرْساهُ غيرُه، وأصل (رسو): يدُلُّ على ثَباتٍ [163] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/96)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/394)، ((المفردات)) للراغب (ص: 354). .

المعنى الإجمالي:

يقولُ تعالى مبيِّنًا كمالَ قُدرتِه: أأَنْتُم -أيُّها المكَذِّبونَ بالبَعْثِ- أقوى خَلْقًا أمِ السَّماءُ؟ بناها اللهُ تعالى، ورفَعَ بِناءَها، وجَعَل لَيْلَها مُظْلِمًا، وأضاء نهارَها بطُلوعِ شَمْسِها، وبَسَط اللهُ تعالى الأرضَ بعْدَ خَلْقِ السَّماءِ، وأخرَجَ مِنَ الأرضِ البِحارَ والأنهارَ، والنَّباتَ، وثبَّتَ الجِبالَ، فلا تَضطَرِبُ الأرضُ؛ لِمَنفعَتِكم -أيُّها النَّاسُ- ولأنعامِكم.

تفسير الآيات:

أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّها انتِقالٌ مِن الاعتبارِ بأمثالِ الكُفَّارِ مِن الأُممِ الَّذي هو تخويفٌ وتهديدٌ على تكذيبِهم الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلى إبطالِ شُبهتِهم على نفْيِ البعثِ -وهي قولُهم: أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ [النازعات: 10] - وما أَعقَبوهُ مِن التَّهكُّمِ المبنيِّ على توهُّمِ إحالةِ البعثِ [164] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/83). .
وأيضًا لَمَّا خَتَم اللهَ تعالى تلك القِصَّةَ؛ رَجَع إلى مخاطبةِ مُنكِري البَعْثِ، فقال [165] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (31/42). :
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ.
أي: أأنتم -أيُّها المكَذِّبونَ بالبَعْثِ- أقوى خَلْقًا أمِ السَّماءُ أقوى منكم؟ فالقادِرُ على خَلْقِ السَّماءِ وهي أعظَمُ منكم: قادِرٌ على إحيائِكم بعْدَ مَوتِكم [166] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/88)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/238)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909). قال الشَّوكاني: (أي: أخَلْقُكم بعدَ الموتِ وبَعْثُكم أشَدُّ عِندَكم وفي تقديرِكم أمْ خَلْقُ السَّماءِ؟ والخِطابُ لكُفَّارِ مكَّةَ، والمقصودُ به التَّوبيخُ لهم والتَّبكيتُ؛ لأنَّ مَن قَدَر على خَلقِ السَّماءِ الَّتي لها هذا الجِرْمُ العظيمُ، وفيها مِن عجائِبِ الصُّنعِ وبدائِعِ القُدْرةِ ما هو بَيِّنٌ للنَّاظِرينَ، كيف يَعجِزُ عن إعادةِ الأجسامِ الَّتي أماتها بعدَ أنْ خلَقَها أوَّلَ مَرَّةٍ؟!). ((تفسير الشوكاني)) (5/457). ويُنظر: ((تفسير القرطبي)) (19/203). .
كما قال الله تبارك وتعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 81-82] .
وقال سُبحانَه: فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ [الصافات: 11] .
وقال الله عزَّ وجَلَّ: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر: 57] .
بَنَاهَا.
أي: بنى اللهُ السَّماءَ، وجعَلَها سَقْفًا للأرضِ [167] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/88)، ((تفسير السمعاني)) (6/151)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 50). قال ابنُ عثيمين: (بَنَاهَا هذه الجُملةُ لا تتعَلَّقُ بالَّتي قَبْلَها؛ ولهذا يَنبغي للقارئِ إذا قرَأَ أن يَقِفَ على قَولِه: أَمِ السَّمَاءُ، ثمَّ يَستأنِفَ فيقولَ: بَنَاهَا، فالجُملةُ استئنافيَّةٌ لبيانِ عَظَمةِ السَّماءِ). ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 50). وقال أبو بكرٍ الأنباريُّ: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ وقفٌ حسَنٌ، ثمَّ فسَّر أمْرَها فقال: بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النازعات: 27، 28]. وقال بعضُ المفسِّرينَ: الوقفُ على بَنَاهَا). ((إيضاح الوقف والابتداء)) (2/965). ويُنظر: ((المكتفى في الوقف والابتدا)) لأبي عمرو الداني (ص: 230). .
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا بَيَّن في السَّماءِ أنَّه بناها؛ بَيَّن بعدَ ذلك أنَّه كيف بناها، وشَرَح تلك الكيفيَّةَ مِن وُجوهٍ [168] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (31/45). .
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28).
أي: جَعَل اللهُ بناءَ السَّماءِ عاليًا عن الأرضِ، فأتقَنَ بناءَها، فهي مُستَوِيةٌ لا ارتِفاعَ أو انخفاضَ في أرجائِها، ولا فُطورَ فيها ولا شُقوقَ [169] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/88)، ((تفسير ابن الجوزي)) (4/397)، ((تفسير القرطبي)) (19/203، 204)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/239)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). قال ابن الجوزي: (ومعنى رَفَعَ سَمْكَهَا رَفَع ارتِفاعَها وعلوَّها في الهواءِ، فَسَوَّاهَا بلا شُقوقٍ ولا فُطورٍ ولا تفاوُتٍ يرتَفِعُ فيه بعضُها على بعضٍ). ((تفسير ابن الجوزي)) (4/397). وقال ابن جرير: (فسَوَّى السَّماءَ، فلا شيءَ أرفَعُ مِن شيءٍ، ولا شيءَ أخْفَضُ مِن شيءٍ، ولَكِنْ جميعُها مُسْتَوِي الارْتِفاعِ والامْتِدادِ). ((تفسير ابن جرير)) (24/88، 89). وقال الشوكاني: (ومعنَى فَسَوَّاهَا: فجَعَلَها مُسْتَوِيةَ الخَلقِ، مُعَدَّلةَ الشَّكلِ، لا تَفاوُتَ فيها ولا اعْوِجاجَ، ولا فُطورَ ولا شُقوقَ). ((تفسير الشوكاني)) (5/457). .
كما قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا [الرعد: 2].
وقال سُبحانَه: وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا [الأنبياء: 32] .
وقال عزَّ وجَلَّ: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ [الملك: 3] .
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29).
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا.
أي: وجَعَل اللهُ ليلَ السَّماءِ مُظْلِمًا [170] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/89)، ((تفسير القرطبي)) (19/204)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/239)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). .
قال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [الشمس: 4] .
وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا.
أي: وأضاء اللهُ نهارَ السَّماءِ بطُلوعِ شَمْسِها [171] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/91)، ((تفسير القرطبي)) (19/204)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). .
كما قال تعالى: وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا [الشمس: 3] .
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا وَصَف كيفيَّةَ خَلْقِ السَّماءِ؛ أتْبَعَه بكيفيَّةِ خَلْقِ الأرضِ [172] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (31/46). ، فقال:
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30).
أي: بَسَط اللهُ تعالى الأرضَ بعْدَ خَلْقِ السَّماءِ، ومَدَّها للسُّكنى فيها [173] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/94)، ((تفسير ابن عطية)) (5/434)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). قال الأزهري: (لم يختَلِفِ المفَسِّرون أنَّ خَلْقَ الأرضِ سَبَق خَلْقَ السَّماءِ... فاللهُ جلَّ وعَزَّ خلَقَ الأرضَ أوَّلًا غيرَ مَدْحُوَّةٍ، ثمَّ خَلَق السَّماءَ، ثمَّ دحا الأرضَ، أي: بَسَطَها). ((تهذيب اللغة)) (2/144). ويُنظر: ((تتمة أضواء البيان)) لعطية سالم (8/423). ممَّن اختار في الجملةِ أنَّ قولَه: دَحَاهَا أي: بَسَطَها ومَدَّها ومَهَّدَها للسُّكْنَى: ابنُ جرير، والسمرقنديُّ، وابنُ أبي زَمَنِين، والثعلبيُّ، والواحدي، وابن عطية، والبيضاوي، والنسفي، وابن جُزَي، والخازن، وأبو حيان، وجلال الدين المحلي، والعُلَيمي، والشربيني. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/94)، ((تفسير السمرقندي)) (3/544)، ((تفسير ابن أبي زمنين)) (5/91)، ((تفسير الثعلبي)) (10/128)، ((الوسيط)) للواحدي (4/421)، ((تفسير ابن عطية)) (5/ 434)، ((تفسير البيضاوي)) (5/284)، ((تفسير النسفي)) (3/598)، ((تفسير ابن جزي)) (2/450)، ((تفسير الخازن)) (4/393)، ((تفسير أبي حيان)) (10/400)، ((تفسير الجلالين)) (ص: 790)، ((تفسير العليمي)) (7/277)، ((تفسير الشربيني)) (4/481). قال الرَّسْعَني: (قال ابنُ عبَّاسٍ وغيرُه مِن المفسِّرينَ واللُّغَويِّينَ: دَحَاهَا بمعنى: بَسَطَها. والدَّحْوُ: البَسْطُ). ((تفسير الرسعني)) (8/477). وقال السعدي: (دَحَاهَا أي: أودَعَ فيها مَنافِعَها. وفسَّر ذلك بقولِه: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا أي: ثبَّتَها في الأرضِ. فدَحْيُ الأرضِ بعدَ خلقِ السَّماءِ، كما هو نصُّ هذه الآياتِ [الكريمةِ]. وأمَّا خلقُ نفْسِ الأرضِ فمُتقَدِّمٌ على خَلقِ السَّماءِ، كما قال تعالى: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت: 9] إلى أن قال: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت: 11] ). ((تفسير السعدي)) (ص: 909). وقال ابنُ كثير: (قولُه: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا فسَّره بقولِه: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا). ((تفسير ابن كثير)) (8/316). ويُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- الفاتحة والبقرة)) (المقدمة/30). .
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا ذَكَر الدَّحْوَ، أتْبَعَه ما استلزَمَه مِنَ المنافِعِ؛ لتوَقُّفِ السُّكنى المقصودةِ بالدَّحْوِ عليه [174] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240). .
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31).
أي: أخرَجَ اللهُ مِنَ الأرضِ البِحارَ والأنهارَ وعُيونَ الماءِ، وأخرج نَباتَها [175] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/578)، ((تفسير ابن جرير)) (24/96)، ((تفسير السمرقندي)) (3/544)، ((البسيط)) للواحدي (23/197)، ((تفسير القرطبي)) (19/205)، ((تفسير الشوكاني)) (5/458). .
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا ذَكَر الأرضَ ومَنافِعَها؛ ذكَرَ المراسيَ الَّتي تمَّ بها نَفْعُها [176] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240). .
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32).
أي: وثبَّتَ اللهُ الجِبالَ، فلا تَضطَرِبُ الأرضُ وتَميدُ [177] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/96)، ((تفسير القرطبي)) (19/205)، ((تفسير ابن كثير)) (8/316)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240، 241)، ((تفسير السعدي)) (ص: 909)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). .
كما قال تعالى: وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ [النحل: 15] .
وقال سُبحانَه: وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ [الأنبياء: 31] .
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33).
أي: خَلَق اللهُ تعالى ذلك لِمَنفعَتِكم -أيُّها النَّاسُ- ولأنعامِكم مِن الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، فتتمَتَّعونَ بذلك إلى حينٍ مِنَ الزَّمانِ [178] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/97)، ((تفسير ابن عطية)) (5/434)، ((تفسير القرطبي)) (19/206)، ((تفسير ابن كثير)) (8/317)، ((تفسير ابن عثيمين- جزء عم)) (ص: 51). .
قال تعالى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [البقرة: 36] .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- في قَولِه تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا أنَّ السَّماءَ مَبنِيَّةٌ [179] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة غافر)) (ص: 439). .
2- قال تعالى: وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا، وإخراجُ الضُّحى: إبرازُ نورِ الضُّحى، وإنَّما جُعِل إظهارُ النُّورِ إخراجًا؛ لأنَّ النُّورَ طارئٌ بعدَ الظُّلمةِ؛ إذ الظُّلمةُ عدَمٌ، وهو أسبَقُ، والنُّورُ محتاجٌ إلى السَّببِ الَّذي يُنِيرُه [180] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/85، 86). .
3- قال تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا، ثمَّ قال: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، وهذا يدُلُّ على أنَّ دَحْوَ الأرضِ بعْدَ خَلقِ السَّماءِ، مع أنَّ قولَه تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة: 29] الآيةَ: يدُلُّ على أنَّ خَلْقَ الأرضِ قبْلَ خَلقِ السَّماءِ، بدليلِ لَفظةِ: (ثُمَّ) الَّتي هي للتَّرتيبِ والانفصالِ، وكذلك آيةُ (فُصِّلَتْ) تدُلُّ أيضًا على خَلقِ الأرضِ قبْلَ خَلقِ السَّماءِ؛ لأنَّه قال فيها: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت: 9] ، إلى أن قال: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ الآيةَ [فصلت: 11] .
والجواب: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهما سُئل عن الجَمعِ بيْنَ آيةِ (فُصِّلَتْ) وآيةِ (النَّازعات)، فأجاب بأنَّ اللهَ تعالى خلَقَ الأرضَ أوَّلًا قبْلَ السَّماءِ غيرَ مَدْحُوَّةٍ، ثمَّ استوى إلى السَّماءِ فسَوَّاهُنَّ سَبْعًا في يومَينِ، ثمَّ دحا الأرضَ بعدَ ذلك، وجعَلَ فيها الرَّواسيَ والأنهارَ وغيرَ ذلك، فأصْلُ خَلقِ الأرضِ قبْلَ خَلقِ السَّماءِ، ودَحْوُها بجبالِها وأشجارِها ونحوِ ذلك بعْدَ خَلقِ السَّماءِ، ويدُلُّ لهذا أنَّه قال: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، ولم يَقُلْ: (خَلَقَها)، ثمَّ فسَّر دَحْوَه إيَّاها بقولِه: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا الآيةَ.
وهذا الجَمْعُ الَّذي جمَع به ابنُ عبَّاسٍ بيْن هاتَينِ الآيتَينِ واضحٌ لا إشكالَ فيه، مفهومٌ مِن ظاهرِ القرآنِ العظيمِ، إلَّا أنَّه يَرِدُ عليه إشكالٌ مِن آيةِ (البقرة) هذه، وإيضاحُه أنَّ ابنَ عبَّاسٍ جمَع بأنَّ خَلْقَ الأرضِ قبْلَ خَلقِ السَّماءِ، ودَحْوَها بما فيها بعدَ خَلقِ السَّماءِ.
وفي هذه الآيةِ التَّصريحُ بأنَّ جميعَ ما في الأرضِ مخلوقٌ قبْلَ خَلقِ السَّماءِ؛ لأنَّه قال فيها: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ الآيةَ [البقرة: 29] .
وهذا الإشكالُ مرفوعٌ مِن وجهَينِ، كلٌّ منهما تدُلُّ عليه آيةٌ مِن القرآنِ:
الأوَّلُ: أنَّ المرادَ بخَلقِ ما في الأرضِ جميعًا قبْلَ خَلقِ السَّماءِ: الخَلقُ اللُّغَويُّ الَّذي هو التَّقديرُ، لا الخَلقُ بالفِعلِ الَّذي هو الإبرازُ مِن العدَمِ إلى الوُجودِ، والعربُ تُسَمِّي التَّقديرَ خَلْقًا، ومنه قولُ زُهَيْرٍ [181] يُنظر: ((ديوان زهير بن أبي سُلْمى)) (ص: 56). :
ولَأَنتَ تَفْري ما خَلَقْتَ وبَعــ         ــضُ القَومِ يَخلُقُ ثمَّ لا يَفْري [182] يَخلُقُ: أي: يُقَدِّرُ الأديمَ ويُهَيِّئُه للقَطعِ. ويَفْري: أي: يَشُقُّه كما قَدَّر. ومعنى البَيتِ: أنت إذا قدَّرْتَ أمرًا وتهَيَّأْتَ له أمضَيْتَه وأنفَذْتَه بعَزمِك وقدرتِك ولم تَعجزْ عنه، بخِلافِ غيرِك؛ فإنَّ بعضَ القَومِ يُقَدِّرُ ثمَّ لا قوَّةَ له ولا عزيمةَ على إنفاذِ ما قدَّره وإمضائِه، فالخَلْقُ: التَّقديرُ، والفَرْيُ: التَّنفيذُ. يُنظر: ((شرح ديوان زهير)) لثعلب (ص: 94)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّة (7/381)، ((شفاء العليل)) لابن القيِّم (ص: 53)، ((معارج القبول)) لحافظ حكمي (1/132).
والدَّليلُ على أنَّ المرادَ بهذا الخَلقِ التَّقديرُ: أنَّه تعالى نَصَّ على ذلك في سورةِ (فُصِّلَتْ)، حيث قال: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا [فصلت: 10] ، ثمَّ قال: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ الآيةَ [فصلت: 11] .
الوجهُ الثَّاني: أنَّه لَمَّا خلَقَ الأرضَ غيرَ مَدْحُوَّةٍ، وهي أصلٌ لكلِّ ما فيها، كان كلُّ ما فيها كأنَّه خُلِق بالفعلِ؛ لِوُجودِ أصْلِه فِعلًا، والدَّليلُ مِن القرآنِ على أنَّ وُجودَ الأصلِ يُمكِنُ به إطلاقُ الخَلقِ على الفرعِ وإن لم يكُنْ مَوجودًا بالفِعلِ: قولُه تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ [الأعراف: 11] . قولُه: خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ بخَلْقِنا وتصويرِنا لأبيكم آدَمَ الَّذي هو أصْلُكم.
وجمَعَ بعضُ العُلماءِ بأنَّ معنى قولِه: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أي: معَ ذلك، فلَفْظةُ (بَعْدَ) بمعنَى معَ، ونظيرُه قولُه تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 13] . وعليه فلا إشكالَ في الآيةِ [183] يُنظر: ((دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب)) للشنقيطي (ص: 11-13)، (أضواء البيان)) للشنقيطي (7/13-15). ويُنظر أيضًا: ((تفسير الرازي)) (31/46)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة فصلت)) (ص: 60). قال الرَّسْعَني: (قال عبدُ الله بنُ عمر وعِكْرِمةُ وعَطاءٌ وجمهورُ المفسِّرينَ: خلَقَ الأرضَ قبْلَ السَّماءِ، ثمَّ خلَقَ السَّماءَ، ثمَّ دحى الأرضَ بعدَ خَلقِ السَّماءِ. وحمَل القائلونَ بتَكامُلِ خَلقِ الأرضِ قبْلَ السَّماءِ «بَعْدَ» على معنى: قبْلَ، كقولِه: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ [الأنبياء: 105] . ومنهم مَن قال: «بَعْدَ» بمعنى: معَ، قالوا: ومنه قولُه: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 13] ، أي: معَ ذلك). ((تفسير الرسعني)) (8/477). وقال الشنقيطي: (وجَمَع بعضُهم بأوجهٍ ضعيفةٍ؛ لأنَّها مَبنيَّةٌ على أنَّ خلْقَ السَّماءِ قبْلَ الأرضِ، وهو خلافُ التَّحقيقِ؛ منها: أنَّ «ثُمَّ» بمعنَى الواوِ، ومنها: أنَّها للتَّرتيبِ الذِّكْريِّ). ((أضواء البيان)) (7/15). .
4- قال الله تعالى: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا دَلَّ بذِكْرِ الماءِ والمَرْعى على جميعِ ما تُخرِجُه الأرضُ قُوتًا للنَّاسِ وللحَيوانِ، حتَّى ما تُعالَجُ به الأطعِمةُ مِن حَطَبٍ للطَّبخِ؛ فإنَّه ممَّا تُنبِتُ الأرضُ، وحتَّى المِلْحُ؛ فإنَّه مِن الماءِ الَّذي على الأرضِ [184] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/87). .
5- في قَولِه تعالى: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ دليلٌ على أنَّ الماءَ والكَلَأَ وحِجارةَ الجِبالِ وحَطَبَه: النَّاسُ فيه شُرَكاءُ، ما لَم يَقَعْ فيها الحيازاتُ بالأملاكِ الظَّاهرةِ الَّتي تُستفادُ بوُجوهِ الفوائدِ، فإذا وَقَعَتِ الحيازاتُ فكُلُّ مَن مَلَكَ أرضًا مَلَكَ كلَّ ما تُخرِجُه مِن عَينٍ وكَلَأٍ، إلَّا ماءَ الشَّفَهِ [185] أي الماء الذي يشربُه النَّاسُ والدوابُّ. يُنظر: ((الأصل)) للشيباني (8/150)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/189). ما لَم تُجعَلْ في الظُّروفِ، والكَلَأَ مِن المارَّةِ [186] يُنظر: ((النكت الدالة على البيان)) للقصاب (4/478). .
6- قولُه تعالى: وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا معنى أَرْسَاهَا أي: أَثْبَتَها وأثبَتَ بها الأرضَ أنْ تَميدَ بأهلِها، وهذا تَحقيقٌ للحقِّ، وتنبيهٌ على أنَّ الرُّسوَّ المنسوبَ إليها في مواضعَ كثيرةٍ مِن التَّنزيلِ بالتَّعبيرِ عنها بالرَّواسي ليس مِن مُقتضَياتِ ذَواتِها، بل هو بإرسائِه عزَّ وجلَّ، ولَوْلاهُ لَما ثبَتتْ في أنفُسِها، فضلًا عن إثباتِها للأرضِ [187] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/102). .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالَى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا إبطالٌ لشُبهةِ المشركينَ على نفْيِ البعثِ، وجاءَ إبطالُ شُبهتِهم بقياسِ خلْقِ أجسادِهم على خلقِ السَّمواتِ والأرضِ، فقيلَ لهم: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا؛ فلذلك قيلَ لهم هنا: أَأَنْتُمْ بضميرِهم، ولم يقُلْ: آلإنسانُ أشدُّ خَلْقًا، وما هم إلَّا مِن الإنسانِ، فالخِطابُ موجَّهٌ إلى المُشرِكينَ الَّذين عُبِّر عنهم آنِفًا بضمائرِ الغَيبةِ مِن قولِه: يَقُولُونَ إلى قولِه: فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ [النازعات: 10- 14] ، وهو الْتِفاتٌ مِن الغَيبةِ إلى الخِطابِ، فالجُملةُ مُستأنَفةٌ لقَصْدِ الجوابِ عن شُبهتِهم؛ لأنَّ حِكايةَ شُبهتِهم بـ يَقُولُونَ أَئِنَّا إلى آخِرِه، تَقتضي ترَقُّبَ جوابٍ عن ذلك القولِ [188] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/83). .
- وأيضًا قولُه: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا خِطابٌ لأهلِ مكَّةَ، أو عامٌّ للمُنكِرينَ للبعثِ بِناءً على صُعوبتِه في زَعْمِهم بطريقِ التَّوبيخِ والتَّبكيتِ بعدَما بُيِّنَ كمالُ سُهولتِه بالنِّسبةِ إلى قُدرةِ اللهِ تعالى بقولِه تعالى: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ [189] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/696)، ((تفسير أبي حيان)) (10/400)، ((تفسير أبي السعود)) (9/101). .
- والاستِفهامُ في أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا تقريريٌّ، والمقصودُ مِن التَّقريرِ إلجاؤُهم إلى الإقرارِ بأنَّ خلْقَ السَّماءِ أعظَمُ مِن خلْقِهم، أي: مِن خلْقِ نَوعِهم، وهو نوعُ الإنسانِ، وهم يَعلَمونَ أنَّ اللهَ هو خالقُ السَّماءِ، فلا جَرَمَ أنَّ الَّذي قَدَرَ على خلْقِ السَّماءِ قادرٌ على خَلْقِ الإنسانِ مرَّةً ثانيةً، فيُنتِجُ ذلك أنَّ إعادةَ خلْقِ الأجسادِ بعدَ فَنائِها مَقدورةٌ للهِ تعالى؛ لأنَّه قَدَرَ على ما هو أعظَمُ مِن ذلك؛ ذلك أنَّ نظَرَهم العقليَّ غيَّمتْ عليه العادةُ، فجَعَلوا ما لم يَألَفوهُ مُحالًا، ولم يَلتَفِتوا إلى إمكانِ ما هو أعظَمُ ممَّا أحالوهُ بالضَّرورةِ [190] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/83). . وقيلَ: الهمزةُ للاستفهامِ التَّقريعيِّ والتَّوبيخيِّ [191] يُنظر: ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/369). .
- والسَّماءُ في قولِه: أَمِ السَّمَاءُ يَجوزُ أنْ يُرادَ به الجِنسُ، وتعريفُه تعريفُ الجِنسِ، أي: السَّمواتُ، وهي مَحجوبةٌ عن مُشاهَدةِ النَّاسِ؛ فيكونَ الاستفهامُ التَّقريريُّ مبنيًّا على ما هو مشتهرٌ بيْنَ النَّاسِ مِن عظَمةِ السَّمواتِ؛ تنزيلًا للمعقولِ مَنزِلةَ المحسوسِ. ويجوزُ أنْ يُرادَ به سماءٌ معيَّنةٌ، وهي المُسمَّاةُ بالسَّماءِ الدُّنيا الَّتي تَلوحُ فيها أضواءُ النُّجومِ، فتعريفُه تعريفُ العهدِ، وهي الكُرةُ الفَضائيَّةُ المحيطةُ بالأرضِ ويَبدو فيها ضوءُ النَّهارِ وظُلْمةُ اللَّيلِ، فيكونَ الاستِفهامُ التَّقريريُّ مبنيًّا على ما هو مُشاهَدٌ لهم، وهذا أنسَبُ بقولِه: وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا؛ لعدَمِ احتياجِه إلى التَّأويلِ [192] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/84). .
- في عدَمِ ذِكرِ الفاعلِ في قولِه: بَنَاهَا وفيما عُطِف عليه مِن الأفعالِ: مِن التَّنبيهِ على تعيُّنِه وتَفخيمِ شأنِه عزَّ وجلَّ؛ ما لا يَخْفى [193] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/101). .
- وجُملةُ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا مُبيِّنةٌ لجُملةِ بَنَاهَا، أو بدَلُ اشتِمالٍ منها، وسُلِك طَريقُ الإجمالِ ثمَّ التَّفصيلِ؛ لزِيادةِ التَّصويرِ [194] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/101)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/84). .
- والرَّفعُ: جعْلُ جِسمٍ مُعْتلِيًا، وهو مرادفٌ للسَّمْكِ، فتعديةُ فعلِ (رَفَعَ) إلى السَّمْكِ للمبالَغةِ في الرَّفعِ، أي: رَفَع رَفْعَها، أي: جَعَلَه رَفيعًا [195] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/85). .
- والفاءُ في فَسَوَّاهَا للتَّعقيبِ، وتسويةُ السَّماءِ حصَلتْ مع حصولِ سَمْكِها؛ فالتَّعقيبُ لإفادةِ السَّرعةِ في التَّسويةِ [196] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/85). .
- قوله: وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا بدَأ باللَّيلِ؛ لأنَّه كان أوَّلًا، والعدمُ قبْلَ الوُجودِ [197] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/239). .
- قولُه: وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا، أي: أبْرَزَ نَهارَها، وعُبِّرَ عنه بالضُّحى؛ لأنَّه أشرَفُ أوقاتِه وأطيَبُها، وأكمَلُ أجزاءِ النَّهارِ في النُّورِ والضَّوءِ، فكان أحَقَّ بالذِّكرِ في مَقامِ الامتنانِ، وهو السِّرُّ في تأخيرِ ذِكرِه عن ذِكرِ اللَّيلِ، وفي التَّعبيرِ عن إحداثِهِ بالإخراجِ؛ فإنَّ إضافةَ النُّورِ بعدَ الظُّلْمةِ أتَمُّ في الإنعامِ، وأكمَلُ في الإحسانِ [198] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (31/45)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/240)، ((تفسير أبي السعود)) (9/101، 102). .
- وأضاف اللَّيلَ إلى السَّماءِ في قولِه: وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا؛ لأنَّ اللَّيلَ غُروبُ الشَّمسِ، وغُروبُها وطُلوعُها فيها، فأُضيفَ إليها لَمَّا كان فيها، كما قيل: نُجومُ اللَّيلِ؛ إذ كان فيه الطُّلوعُ والغُروبُ [199] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (24/89). . ولأنَّه هو أوَّلُ ما يَظهَرُ عندَ الغُروبِ مِن أُفُقِ السَّماءِ [200] يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 597). . وقيل غيرُ ذلك [201] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/697)، ((تفسير البيضاوي)) (5/284)، ((تفسير أبي حيان)) (10/400)، ((تفسير أبي السعود)) (9/102)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/86). .
- وأضاف الضُّحى إلى السَّماءِ كما أضاف إليها اللَّيلَ في قولِه: وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا؛ لأنَّ فيها سَبَبَ الظَّلامِ والضِّياءِ، وهو غروبُ الشَّمسِ وطُلوعُها [202] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (19/204). .
2- قولُه تعالَى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ انتقَلَ الكلامُ مِن الاستِدلالِ بخَلْقِ السَّماءِ إلى الاستِدلالِ بخَلقِ الأرضِ؛ لأنَّ الأرضَ أقرَبُ إلى مُشاهَدتِهم، وما يُوجَدُ على الأرضِ أقرَبُ إلى عِلمِهم بالتَّفصيلِ، أو الإجمالِ القريبِ مِن التَّفصيلِ [203] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/86). .
- قولُه: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا مِن أجْلِ الاهتِمامِ بدَلالةِ خَلقِ الأرضِ وما تحتوي عليه؛ قُدِّم اسمُ الأرضِ على فِعلِه وفاعلِه، فانتصَبَ على طريقةِ الاشتغالِ [204] الاشتِغالُ: هو أن يتقَدَّمَ اسمٌ واحِدٌ، ويتأخَّرَ عنه عامِلٌ مُشتَغِلٌ عن العَمَلِ في ذلك الاسمِ بالعَمَلِ في ضَميرِه مُباشَرةً، أو في سَبَبِه -أي: كلِّ شَيءٍ له صِلةٌ وعَلاقةٌ به؛ مِن قَرابةٍ، أو صداقةٍ، أو عَمَلٍ-، بحيثُ لو فُرِّغ مِن ذلك المعمولِ وسُلِّطَ على الاسمِ المتقَدِّمِ، لعَمِلَ فيه النَّصبُ لَفظًا أو محَلًّا. وأركانُ الاشتِغالِ ثلاثةٌ؛ هي: أ- مَشغولٌ عنه: وهو الاسمُ المتقَدِّمُ. ب- مشغولٌ: وهو الفِعلُ المتأخِّرُ. ج- ومَشغولٌ به: وهو الضَّميرُ الَّذي تعدَّى إليه الفِعلُ بنَفْسِه أو بالوَساطةِ. يُنظر: ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (2/139)، ((شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك)) (2/128)، ((النحو الوافي)) لعباس حسن (2/127). ، والاشتغالُ يَتضمَّنُ تأكيدًا باعتبارِ الفعلِ المُقدَّرِ العامِلِ في المشتغَلِ عنه الدَّالِّ عليه الفعلُ الظَّاهرُ المشتغِلُ بضَميرِ الاسمِ المقدَّمِ [205] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/86). . وقيل: انتصَبَ قولُه: وَالْأَرْضَ بمُضمَرٍ مُقدَّمٍ قد حُذِفَ على شَريطةِ التَّفسيرِ لا بما ذُكِرَ بعدَهُ؛ ليُفيدَ القصرَ، وتَتعيَّنَ البَعديَّةُ في الوُجودِ، وفائدةُ تأخيرِه في الذِّكرِ إمَّا التَّنبيهُ على أنَّه قاصرٌ في الدَّلالةِ على القُدرةِ القاهرةِ بالنِّسبةِ إلى أحوالِ السَّماءِ، وإمَّا الإشعارُ بأنَّه أدْخَلُ في الإلزامِ؛ لِما أنَّ المنافعَ المَنوطةَ بما في الأرض أكثرُ، وتعلُّقَ مَصالِحِ النَّاسِ بذلكَ أظهَرُ، وإحاطتَهم بتفاصيلِ أحوالِه أكمَلُ [206] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/103). .
- وجُملةُ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا لم يَدخُلْ حرفُ العطفِ على أَخْرَجَ لوجهينِ؛ أحدُهما: أنْ يكونَ معنى (دَحاها): بسَطَها ومهَدَها للسُّكنى، ثمَّ فُسِّر التَّمهيدُ بما لا بُدَّ منه في تَأتِّي سُكْناها؛ مِن تسويةِ أمرِ المأكَلِ والمَشرَبِ، وإمكانِ القرارِ عليها، والسُّكونِ بإخراجِ الماءِ والمَرْعى، وإرساءِ الجبالِ وإثباتِها أوتادًا لها حتَّى تَستَقِرَّ ويُستقَرَّ عليها.
والثَّاني: أنْ يكونَ أَخْرَجَ حالًا بإضمارِ (قد)؛ كقولِه: أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: 90] ، وأرادَ بمَرْعاها: ما يأكُلُ النَّاسُ والأنعامُ [207] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/697)، ((تفسير البيضاوي)) (5/284)، ((تفسير أبي حيان)) (10/400)، ((تفسير أبي السعود)) (9/102)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/370). وقال ابن عاشور: (وجملةُ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا بدَلُ اشتِمالٍ مِن جملةِ دَحَاهَا؛ لأنَّ المقصدَ مِن دَحوِها بمقتضى ما يكملُ تيسيرَ الانتفاعِ بها. ولا يصحُّ جعلُ جملةِ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا إلى آخِرِها بيانًا لجملةِ دَحَاهَا؛ لاختِلافِ معنَى الفِعلَينِ). ((تفسير ابن عاشور)) (30/87). .
- وقُدِّم الماءُ على المَرْعى؛ لأنَّه سببٌ في وُجودِ المَرْعى [208] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/400). .
- والرَّعيُ: تَناوُلُ الماشيةِ الكَلَأَ والحَشيشَ والقَصِيلَ [209] القَصِيل: ما اقتُصِل مِنَ الزَّرعِ أخضَرَ لعلْفِ الدَّوابِّ. والقصلُ: القطعُ. وقصَلَ الدابَّةَ: علَفَها القَصِيلَ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/558)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/506). ؛ فالاقتصارُ على المَرْعى اكتِفاءٌ عن ذِكرِ ما تُخرِجُه الأرضُ مِن الثِّمارِ والحُبوبِ؛ لأنَّ ذِكرَ المَرْعى يدُلُّ على لُطفِ اللهِ بالعَجْماواتِ، فيُعرَفُ منه أنَّ اللُّطفَ بالإنسانِ أَحْرى؛ بدَلالةِ فَحْوى الخِطابِ [210] فَحْوَى الخِطابِ -ويُسمَّى تنبيهَ الخطابِ، ومفهومَ الموافقةِ-: هو إثباتُ حُكمِ المنطوقِ به للمَسكوتِ عنه بطريقِ الأَولَى، كقولِه تعالَى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] ، فيه تنبيهٌ على النَّهيِ عن ضربِهما وسَبِّهما؛ لأنَّ الضَّربَ والسَّبَّ أعظَمُ مِن التَّافيفِ، وكذلك قولُه تعالَى: مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: 75]، فيه تنبيهٌ على أنَّه يُؤدِّي ما كان دونَ القِنطارِ، ففي هذه الآيةِ نَبَّه بالأعلَى على الأدنَى، وفي الآيةِ الأُولى نَبَّه بالأدنَى على الأعلَى. يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (1/233)، ((تقريب الوصول إلي علم الأصول)) لابن جُزَي (ص: 163). ، والقَرينةُ على الاكتِفاءِ [211] الاكتفاءُ: هو أنْ يَقتضيَ المقامُ ذِكْرَ شيئَينِ بَيْنَهما تَلازُمٌ وارتباطٌ، فيُكتفَى بأحدِهما عن الآخَرِ؛ لنُكتةٍ بلاغيَّةٍ؛ ومثالُ ذلك قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ [النحل: 81] ؛ ففي قولِه تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ إيجازٌ بالحذفِ على سبيلِ الاكتِفاءِ، إذِ التَّقْديرُ: تَقيكُمُ الحَرَّ والبَرْدَ. يُنظر: ((البرهان في علوم القرآن)) للزركشي (3/118)، ((خزانة الأدب)) لابن حجة الحموي (1/282)، ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 335)، ((البلاغة العربية)) للميداني (2/48). قولُه بعْدَه: مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [212] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/697)، ((تفسير أبي حيان)) (10/401)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/87). [النازعات: 33] .
- قولُه: وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا لعلَّ تَقديمَ إخراجِ الماءِ والمَرْعى ذِكرًا، مع تقدُّمِ الإرساءِ عليهِ وُجودًا، وشدَّةِ تعلُّقِه بالدَّحْوِ؛ لإبرازِ كَمالِ الاعتِناءِ بأمرِ المأكَلِ والمشرَبِ، مع ما فيه مِن دفعِ توهُّمِ رُجوعِ ضَميرَيِ الماءِ والمَرْعَى إلى الجبالِ [213] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/102). .
3- قولُه تعالَى: مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ
- (المتاع) يُطلَقُ على ما يُنتفَعُ به مُدَّةً؛ ففيه معنَى التَّأجيلِ. وقولُه: مَتَاعًا إمَّا مَفعولٌ له، أي: فعَلَ ذلكَ تَمتيعًا لكُم ولأنْعامِكم؛ لأنَّ فائدةَ ما ذُكِرَ مِن البَسطِ والتَّميهدِ وإخراجِ الماءِ والمَرْعى واصلةٌ إليهم وإلى أنعامِهم؛ فإن المرادَ بالمَرْعَى ما يَعُمُّ ما يأكلُه الإنسانُ وغيرُه. وقيلَ: مَصدرٌ مُؤكِّدٌ لفِعلِه المُضمَرِ، أي: متَّعكُم بذلكَ متاعًا، أو مَصدرٌ مِن غيرِ لَفْظِه؛ فإنَّ قولَه تعالَى: أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا في معْنى: متَّع بذلكَ [214] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (9/103)، ((تفسير ابن عاشور)) (30/88). .
- قولُه: مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ لامُ لَكُمْ و(لِأَنْعَامِكُمْ) لامُ التَّقويةِ، وهو راجِعٌ إلى خَلقِ الأرضِ والجِبالِ، وذلك في الأرضِ ظاهرٌ، وأمَّا الجِبالُ؛ فلأنَّها مُعتصَمُهم مِن عدُوِّهم، وفيها مَراعي أنعامِهم تكونُ في الجبالِ مأمونةً مِن الغارةِ عليها على غِرَّةٍ، وهذا إدماجُ الامتنانِ في الاستِدلالِ؛ لإثارةِ شُكرِهم حَقَّ النِّعمةِ بأنْ يَعبُدوا المنعِمَ وحْدَه، ولا يُشرِكوا بعبادتِه غيرَه [215] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/88). .
- وفي قولِه: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [النازعات: 30] إلى مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ مُحسِّنُ الجَمْعِ ثمَّ التَّقسيمِ [216] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (30/88). والجمعُ والتَّقسيمُ: هو جمْعُ مُتعدِّدٍ تحتَ حُكمٍ، ثمَّ تقسيمُه، كقولِه تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ [فاطر: 32] . يُنظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (3/315)، ((مفاتيح التفسير)) لأحمد سعد الخطيب (ص: 424). .