موسوعة الآداب الشرعية

ثانيا: الطَّهارةُ


يُستَحَبُّ أن يَكونَ الدَّاعي على وُضوءٍ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي بُردةَ، عن أبي موسى رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا فرَغَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حُنَينٍ بَعَثَ أبا عامِرٍ على جَيشٍ إلى أوطاسٍ، فلَقيَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّةِ، فقُتِلَ دُرَيدٌ وهَزَمَ اللهُ أصحابَه، قال أبو موسى: وبَعَثَني مَعَ أبي عامِرٍ، فرُميَ أبو عامِرٍ في رُكبَتِه، رَماه جُشَميٌّ بسَهمٍ فأثبَتَه في رُكبَتِه... قُلتُ لأبي عامِرٍ: قَتَلَ اللهُ صاحِبَك، قال: فانزِع هذا السَّهمَ، فنَزَعته فنَزا مِنه الماءُ! قال: يا ابنَ أخي، أقرِئِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم السَّلامَ، وقُلْ له: استَغفِرْ لي! واستَخلَفَني أبو عامِرٍ على النَّاسِ، فمَكَثَ يَسيرًا ثُمَّ ماتَ، فرَجَعتُ فدَخَلتُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيتِه على سَريرٍ مُرمَلٍ وعليه فِراشٌ، قد أثَّرَ رِمالُ السَّريرِ بظَهرِه وجَنبَيه، فأخبَرتُه بخَبَرِنا وخَبَرِ أبي عامِرٍ، وقال: قُلْ له: استَغفِرْ لي، فدَعا بماءٍ فتَوضَّأ، ثُمَّ رَفعَ يَدَيه فقال: اللَّهُمَّ اغفِرْ لعُبَيدٍ أبي عامِرٍ. ورَأيتُ بَياضَ إبطَيه، ثُمَّ قال: اللَّهُمَّ اجعَلْه يَومَ القيامةِ فوقَ كَثيرٍ مِن خَلقِك مِنَ النَّاسِ. فقُلتُ: ولي فاستَغفِرْ! فقال: اللَّهُمَّ اغفِرْ لعَبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ ذَنبَه، وأدخِلْه يَومَ القيامةِ مُدخَلًا كَريمًا)). قال أبو بُردةَ: إحداهما لأبي عامِرٍ، والأُخرى لأبي موسى [2099] أخرجه البخاري (4323) واللفظ له، ومسلم (2498). .
قوله: ((فدَعا بماءٍ فتَوضَّأ، ثُمَّ رَفعَ يَدَيه)) يُستفادُ منه استحبابُ التَّطهيرِ لإرادةِ الدُّعاءِ [2100] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/ 43). .
2- عن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((خَرَجْنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى إذا كان بحَرَّةِ السُّقيا [2101] مَوضِعٌ بَينَ المَدينةِ ووادي الصَّفراءِ. والحَرَّةُ -بفتحِ المُهمَلةِ-: أرضٌ ذاتُ حِجارةٍ سُودٍ. يُنظر: ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (10/ 284). التي كانت لسَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ائتوني بوَضوءٍ، فتَوضَّأ ثُمَّ قامَ فاستَقبَلَ القِبلةَ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّ إبراهيمَ كان عَبدَك وخَليلَك، ودَعا لأهلِ مَكَّةَ بالبَرَكةِ، وأنا عَبدُك ورَسولُك أدعوك لأهلِ المَدينةِ أن تُبارِكَ لَهم في مُدِّهم وصاعِهم مِثْلَي ما بارَكتَ لأهلِ مَكَّةَ، مَعَ البَرَكةِ بركَتَينِ)) [2102] أخرجه الترمذي (3914) واللفظ له، وأحمد (936). صحَّحه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/317)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3746)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3914)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (958)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقَولُه: ((اللَّهُمَّ إنَّ إبراهيمَ كان عَبدَك وخَليلَك ودَعا لأهلِ مَكَّةَ بالبَرَكةِ، وأنا عَبدُك ورَسولُك أدعوك لأهلِ المَدينةِ أن تُبارِكَ لَهم في مَدِّهم وصاعِهم مِثْلَي ما بارَكتَ لأهلِ مَكَّةَ، مَعَ البَرَكةِ بركَتَينِ)) أخرَجَه مُسلم (1373) بلَفظٍ مُقارِبٍ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه. وقَولُه: ((أدعوك لأهلِ المَدينةِ أن تُبارِكَ لَهم في مَدِّهم وصاعِهم مِثْلَي ما بارَكتَ لأهلِ مَكَّةَ، مَعَ البَرَكةِ بركَتَينِ)) أخرَجَه مُسلم (1374) بنَحوِه مِن حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه. .

انظر أيضا: