موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: الدُّعاءُ بالأسماءِ الحُسنى


مِن آدابِ الدُّعاءِ أنْ يدعوَ الله تعالى بأسمائِه الحُسنَى
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ:
أ- من الكِتابِ
قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف: 180] .
قال الشِّنقيطيُّ: (أسماءُ اللهِ حُسنى، أي: هيَ أحسَنُ شَيءٍ؛ لأنَّ الحُسنى صيغةُ تَفضيلٍ، هيَ أفضَلُ مِن كُلِّ شَيءٍ في الحُسنِ والجَمالِ؛ لِما تَدُلُّ عليه مِن صِفاتِ الكَمالِ والجَلالِ المَوصوفِ بها خالِقُنا جَلَّ وعَلا، تَقدَّسَ وتَعاظَمَ وتَنَزَّه؛ لأنَّ أسماءَه تَدُلُّ على صِفاتِ كَمالِه وجَلالِه جَلَّ وعَلا.
فَادْعُوهُ بِهَا فادعوه بتلك الأسماءِ، كأن تَقولَ: يا رَحمَنُ ارحَمْنا، يا رَحيمُ ارحَمْني) [2126] ((العذب النمير)) (4/ 352). قال أيضًا: (قال بَعضُ العُلَماءِ: تَقولُ: يا رَحيمُ ارحَمْني، يا رازِقُ ارزُقْني، يا حَكيمُ احكُمْ لي. ولا تَقولُ: يا حَكيمُ اغفِرْ لي، أو: يا رَزَّاقُ ارحَمْني. والتَّحقيقُ أنَّ هذا كُلَّه جائِزٌ؛ لأنَّ أسماءَ اللهِ مُتَلازِمةٌ كُلُّ صِفةٍ في واحِدٍ مِنها تَستَلزِمُ جَميعَ الصِّفاتِ الأُخرى؛ لعَظَمةِ صِفاته جَلَّ وعَلا، واستِلزامِ كُلِّ واحِدةٍ مِنها غايةَ الكَمالِ والجَلالِ). ((المصدر السابق) . .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه ((أنَّه كان مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسًا ورَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعا: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك بأنَّ لَك الحَمدَ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ المَنَّانُ، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لَقد دَعا اللهَ باسمِه العَظيمِ، الذي إذا دُعيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطى)) [2127] أخرجه أبو داود (1495) واللفظ له، والترمذي (3544)، والنسائي (1300). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (893)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1880)، وابن القيم في ((شفاء العليل)) (2/759)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1495)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (1495). .
2- عن عَبدِ اللهِ بنِ بُرَيدةَ، عن أبيه رَضيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ رَجُلًا يَقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك أنِّي أشهَدُ أنَّك أنتَ اللهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لَم يَلِدْ ولَم يولَدْ ولَم يَكُنْ له كُفوًا أحَدٌ، فقال: لَقد سَألتَ اللَّهَ بالاسمِ الذي إذا سُئِلَ به أعطى، وإذا دُعيَ به أجابَ)) [2128] أخرجه أبو داود (1493) واللفظ له، والترمذي (3475)، وابن ماجه (3857). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (891)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1882)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (4/331)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3475)، والوادعي على شرط الشيخين في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (159). .
3- عن رَبيعةَ بنِ عامِرٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((ألِظُّوا بـ "يا ذا الجَلالِ والإكرامِ")) [2129] أخرجه أحمد (17596)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7716)، والطبراني (5/64) (4594). صحَّحه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1536)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (332)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (1860)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17596). .
قال أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سَلامٍ: (قَولُه: "ألِظُّوا" يَعني: الزَموا ذلك، والإلظاظُ: اللُّزومُ للشَّيءِ، والمُثابَرةُ عليه) [2130] ((غريب الحديث)) (1/ 420). ويُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/ 328)، ((دليل الفالحين)) لابن علان (7/ 296). .
وقال ابنُ الأثيرِ: (أي: الزَموه واثبُتوا عليه وأكثِروا مِن قَولِه والتَّلَفُّظِ به في دُعائِكُم) [2131] ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (4/ 252). .

انظر أيضا: