موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: الدُّعاءُ للمُضيفِ


مِن السُّنَّةِ الدُّعاءُ للمُضيفِ وشُكرُه.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أو غيرِه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَأذَنَ على سَعدِ بنِ عُبادةَ، فقال: السَّلامُ عليكُم ورَحمةُ اللهِ، فقال سَعدٌ: وعليك السَّلامُ ورَحمةُ اللهِ، ولم يُسمِعِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى سَلَّمَ ثَلاثًا، ورَدَّ عليه سَعدٌ ثَلاثًا، ولم يُسمِعْه، فرَجَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واتَّبَعَه سَعدٌ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، بأبي أنتَ وأمِّي! ما سَلَّمتَ تسليمةً إلَّا هي بأذُني، ولقَد رَدَدتُ عليك ولم أُسمِعْك؛ أحبَبتُ أن أستَكثِرَ مِن سَلامِك، ومِنَ البَرَكةِ! ثُمَّ أدخَلَه البيتَ فقَرَّب له زَبيبًا، فأكل نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا فرَغَ قال: أكَلَ طَعامَكُمُ الأبرارُ، وصَلَّت عليكُمُ المَلائِكةُ، وأفطَرَ عِندَكُمُ الصَّائِمونَ)) [586] أخرجه أحمد (12406) واللفظ له، وعبد الرزاق (19425)، والبيهقي (14788). صحح إسناده النووي في ((الأذكار)) (247)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/16)، والألباني في ((آداب الزفاف)) (97)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في تخريج ((مسند أحمد)) (12406). وأخرجه أبو داود (3854)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5648) مختصرًا بلفظ: عن أنس رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء إلى سَعدِ بنِ عُبادةَ، فجاء بخبزٍ وزَيتٍ، فأكَلَ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفطَرَ عندكم الصَّائمونَ، وأكَلَ طعامَكم الأبرارُ، وصَلَّت عليكم الملائكةُ)). صححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3854)، وصحح إسناده النووي في ((الأذكار)) (302)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/29)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/16) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ بُسرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نَزَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أبي، قال: فقَرَّبنا إليه طَعامًا ووَطْبةً [587] قال ابنُ الأثيرِ: (الوَطبةُ: الحَيسُ، يُجمَعُ بَينَ التَّمرِ والأقِطِ والسَّمنِ). ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (5/ 203). وقال النَّوويُّ: (الوَطبةُ: قِربةٌ لطيفةٌ يَكونُ فيها اللَّبَنُ). ((الأذكار)) (ص: 238). ويُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 225). ، فأكَل مِنها، ثُمَّ أُتيَ بتَمرٍ فكان يَأكُلُه ويُلقي النَّوى بَينَ إصبَعَيه، ويَجمَعُ السَّبَّابةَ والوُسطى [588] قال النَّوويُّ: (قَولُه: «ويُلقي النَّوى بَينَ إصبَعَيه» أي: يَجعَلُه بَينَهما لقِلَّتِه ولم يُلقِه في إناءِ التَّمرِ؛ لئَلَّا يَختَلطَ بالتَّمرِ. وقيل: كان يَجمَعُه على ظَهرِ الإصبَعَينِ ثُمَّ يَرمي به). ((شرح مسلم)) (13/ 226). ، ثُمَّ أُتيَ بشَرابٍ فشَرِبَه، ثُمَّ ناوَلَه الذي عن يَمينِه. قال: فقال أبي، وأخَذَ بلجامِ دابَّتِه: ادعُ اللَّهَ لنا، فقال: اللهُمَّ بارِكْ لهم في ما رَزَقتَهم، واغفِرْ لهم وارحَمْهم)) [589] أخرجه مسلم (2042). .
3- عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((دَخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُمِّ سُلَيمٍ، فأتَته بتَمرٍ وسَمنٍ، قال: أعيدوا سَمنَكُم في سِقائِه، وتَمرَكُم في وِعائِه؛ فإنِّي صائِمٌ، ثُمَّ قامَ إلى ناحيةٍ مِنَ البَيتِ، فصَلَّى غَيرَ المَكتوبةِ، فدَعا لأُمِّ سُلَيمٍ وأهلِ بَيتِها، فقالت أمُّ سُلَيمٍ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي خُوَيصَّةً [590] خُوَيصَّةً: أي: حاجةً تَخُصُّني. يُنظر: ((الإفصاح عن معاني الصحاح)) لابن هبيرة (5/ 186). ، قال: ما هيَ؟ قالت: خادِمُك أنَسٌ، فما تَرَكَ خَيرَ آخِرةٍ ولا دُنيا إلَّا دَعا لي به، قال: اللهُمَّ ارزُقْه مالًا وولدًا، وبارِكْ له فيه. فإنِّي لمن أكثَرِ الأنصارِ مالًا، وحَدَّثَتني ابنَتي أُمَينةُ: أنَّه دُفِنَ لصُلبي مَقدَمَ حَجَّاجٍ البَصرةَ بِضعٌ وعِشرونَ ومِائةٌ)) [591] أخرجه البخاري (1982). .
قال المُهَلَّبُ: (فيه أنَّ الصَّائِمَ إذا دُعيَ إلى طَعامٍ فليَدعُ لأهلِه بالبَرَكةِ، يُؤنِسُهم بذلك ويَسُرُّهم) [592] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (4/ 128). .
وفي رِوايةٍ عن سُليمانَ، عن ثابتٍ، عن أنَسٍ، قال: ((دَخل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علينا، وما هو إلَّا أنا وأُمِّي، وأُمُّ حَرامٍ خالتي، فقال: قوموا فلِأُصَلِّيَ بكُم، في غَيرِ وقتِ صَلاةٍ، فصَلَّى بنا، فقال رَجُلٌ لثابتٍ: أينَ جَعَل أنسًا مِنه؟ قال: جَعَله على يَمينِه، ثُمَّ دَعا لنا -أهلَ البَيتِ- بكُلّ خَيرٍ مِن خَيرِ الدُّنيا والآخِرةِ، فقالت أُمِّي: يا رَسولَ اللهِ، خُوَيدِمُك ادعُ اللَّهَ له، قال: فدَعا لي بكُلِّ خَيرٍ، وكان في آخِرِ ما دَعا لي به أن قال: اللهُمَّ أكثِرْ مالَه وولدَه، وبارِكْ له فيه)) [593] أخرجها مسلم (2481). .
4- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دُعيَ أحَدُكُم فليُجِبْ؛ فإن كان صائِمًا فليُصَلِّ [594] أي: فليدعُ لهم بالخيرِ والبركةِ. يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (4/ 39). ، وإن كان مُفطِرًا فليَطعَمْ)) [595] أخرجه مسلم (1431). .
5- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنِ استَعاذَ باللهِ فأعيذوه، ومَن سَأل باللهِ فأعطوه، ومَن دَعاكُم فأجيبوه، ومَن صَنَعَ إليكُم مَعروفًا فكافِئوه، فإن لم تَجِدوا ما تُكافِئونَه فادعوا له حتَّى تَرَوا أنَّكُم قد كافأتُموه)) [596] أخرجه أبو داودَ (1672) واللفظُ له، والنسائيُّ (2567)، وأحمدُ (5365). صحَّحه الحاكمُ في ((المستدرك)) (1522)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (744) وقالا: على شرطِ الشَّيخينِ، والنوويُّ في ((المجموع)) (6/245)، وابنُ حجر ٍكما في ((الفتوحات الربانية)) لابنِ علَّان (5/250)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1672) .
6- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن لا يَشكُرُ النَّاسَ لا يَشكُرُ اللَّهَ)) [597] أخرجه أبو داودَ (4811)، والترمذيُّ (1954) واللفظُ له، وأحمدُ (7939). صَحَّحه ابنُ حِبانَ في ((صحيحه)) (3407)، وابنُ دقيقِ العيدِ في ((الاقتراح)) (117)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1954)، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ. .

انظر أيضا: