موسوعة الآداب الشرعية

خامسًا: عَدَمُ الإثقالِ على المُضيفِ حتَّى يُحرِجَه ويُؤَثِّمَه


مِن أدَبِ الضَّيفِ: عَدَمُ إثقالِه على المُضيفِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي شُرَيحٍ الكَعبيِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فليُكرِمْ ضَيفَه، جائِزَتُه يَومٌ وليلةٌ، والضِّيافةُ ثَلاثةُ أيَّامٍ، فما بَعدَ ذلك فهو صَدَقةٌ، ولا يَحِلُّ له أن يَثويَ عِندَه حتَّى يُحرِجَه [605] قال الخَطابيُّ: (قَولُه: «جائِزَتُه يَومٌ وليلةٌ» سُئِلَ مالِكٌ بن أنَسٍ عنه، فقال: يُكرِمُه ويُتحِفُه ويَخُصُّه ويَحفَظُه يَومًا وليلةً، وثَلاثةَ أيَّامٍ ضيافةً. قُلتُ: يُريدُ أنَّه يَتَكَلَّفُ له في اليَومِ الأوَّلِ بما اتَّسَعَ له مِن بِرٍّ وإلطافٍ، ويُقدِّمُ له في اليَومِ الثَّاني والثَّالثِ ما كان بحَضرَتِه، ولا يَزيدُ على عادَتِه، وما كان بَعدَ الثَّلاثِ فهو صَدَقةٌ ومَعروفٌ؛ إن شاءَ فَعَل، وإن شاءَ تَرَكَ. وقَولُه: «لا يَحِلُّ له أن يَثويَ عِندَه حتَّى يُحرِجَه»، يُريدُ: أنَّه لا يَحِلُّ للضَّيفِ أن يُقيمَ عِندَه بَعدَ الثَّلاثِ مِن غَيرِ استِدعاءٍ مِنه، حتَّى يَضيقَ صَدرُه فيَبطُلَ أجرُه. وأصلُ الحَرَجِ الضِّيقُ). ((معالم السنن)) (4/ 238). ) [606] أخرجه البخاري (6135). .
قال التِّرمذيُّ: (مَعنى قَولِه: «لا يَثوي عِندَه» يَعني: الضَّيفَ، لا يُقيمُ عِندَه حتَّى يَشتَدَّ على صاحِبِ المَنزِلِ، والحَرَجُ هو الضِّيقُ، إنَّما قَولُه: «حتَّى يُحرِجَه» يَقولُ: حتَّى يُضَيِّقَ عليه) [607] ((سنن الترمذي)) (4/ 346). .
وفي رِوايةٍ: ((الضِّيافةُ ثَلاثةُ أيَّامٍ، وجائِزتُه يَومٌ وليلةٌ، ولا يَحِلُّ لرَجُلٍ مُسلمٍ أن يُقيمَ عِندَ أخيه حتَّى يُؤثِّمَه، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وكَيف يُؤثِّمُه؟ قال: يُقيمُ عِندَه، ولا شَيءَ له يَقريه به [608] قال ابنُ الجَوزيِّ: (قَولُه: «حتَّى يُؤثِّمَه» وذلك أنَّه إذا لم يَكُنْ له ما يُقَرِّبُه له تَسخَّطَ بإقامَتِه، ورُبَّما ذَكَرَه بقَبيحٍ، ورُبَّما أثِمَ في كَسبِ ما يُنفِقُه عليه). ((كشف المشكل)) (4/ 88). ) [609] أخرجه مسلم (48). .

انظر أيضا: