موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: التَّأدُّبُ في نِدائِهم ومُخاطَبتِهم


مِنَ الأدَبِ مَعَ العُلَماءِ: التَّأدُّبُ في مخاطبتِهم وعندَ ندائِهم، وتَبجيلُهم في الألفاظِ [907] يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (2/ 379). قال الخَطيبُ: (إذا خاطَبَ الطَّالِبُ المُحَدِّثَ عَظَّمه في خِطابِه بنِسبَتِه إيَّاه إلى العِلمِ، مِثلُ أن يَقولَ له: أيُّها العالِمُ، أو أيُّها الحافِظُ، ونَحوَ ذلك). ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) (1/ 182). وقال بَكر أبو زيدٍ: (خُذْ بمَجامِعِ الآدابِ مَعَ شَيخِك في جُلوسِك مَعَه، والتَّحَدُّثِ إليه، وحُسنِ السُّؤالِ والاستِماعِ، وحُسنِ الأدَبِ في تَصَفُّحِ الكِتابِ أمامَه ومَعَ الكِتابِ... ولا تُنادِه باسمِه مُجَرَّدًا، أو مَعَ لَقَبِه، كقَولِك: يا شَيخُ فُلان، بَل قُلْ: يا شَيخي، أو يا شَيخَنا. فلا تُسَمِّه؛ فإنَّه أرفعُ في الأدَبِ، ولا تُخاطِبْه بتاءِ الخِطابِ، أو تُناديه مِن بُعدٍ مِن غَيرِ اضطِرارٍ. وانظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى مِنَ الدَّلالةِ على الأدَبِ مَعَ مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، في قَولِه: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا الآية [النور: 63] . وكَما لا يَليقُ أن تَقولَ لوالدِك ذي الأُبوَّةِ الطِّينيَّةِ: "يا فُلانُ" أو: "يا والِدي فُلان"، فلا يَجمُلُ بك مَعَ شَيخِك). (ص: 162). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الكتابِ والآثارِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا [النور: 63] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الآيةَ أصلٌ في أن يُمَيَّزَ ذو المَنزِلةِ بمَنزِلَتِه، ويُفرَّقَ بَينَه وبَينَ مَن لَم يَلحَقْ بطَبَقَتِه [908] يُنظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب البغدادي (2/ 379، 380). .
ب- مِنَ الآثارِ
عن عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: (مِن حَقِّ العالِمِ عليك أن تُسَلِّمَ على القَومِ عامَّةً وتَخُصَّه دونَهم بالتَّحيَّةِ، وأن تَجلِسَ أمامَه، ولا تُشيرَنَّ عِندَه بيَدِك، ولا تَغمِزنَّ بعَينَيك، ولا تَقولَنَّ: قال فلانٌ خِلافًا لقَولِه، ولا تَغتابَنَّ عِندَه أحَدًا، ولا تُسارَّ في مَجلِسِه، ولا تَأخُذْ بثَوبِه، ولا تُلِحَّ عليه إذا كَسِل، ولا تُعرِضْ مِن طولِ صُحبَتِه؛ فإنَّما هو بمَنزِلةِ النَّخلةِ تنتَظِرُ مَتى يَسقُطُ عليك مِنها شَيءٌ) [909] ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) للخطيب البغدادي (1/ 199)، ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (1/ 580). .

انظر أيضا: