موسوعة الآداب الشرعية

ثامنًا: عَدَمُ التَّضييقِ على المَرأةِ لتَفتَديَ نَفسَها


يَحرُمُ على الزَّوجِ أن يُضَيِّقَ على زَوجَتِه ويُسيءَ عِشرَتَها لتَفتَديَ نَفسَها، فتَتَنازَلَ عن مَهرِها أو بَعضِ مَهرِها أو شَيءٍ مِن حَقِّها مِن غَيرِ أن تَقتَرِفَ سَبَبًا لذلك.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكتابِ:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا النساء: 19.
قوله: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ أي: يَحرُمُ عليكُم -أيُّها الأزواجُ- أن تُضَيِّقوا على أزواجِكُم في العِشرةِ وتَقهَروهنَّ؛ لتُلجِئوهنَّ إلى افتِداءِ أنفُسِهنَّ مِنكُم، بتَركِ مُهورِهنَّ أو بَعضٍ مِنها، أو بتَنازُلِهنَّ عن أيِّ حَقٍّ آخَرَ مِن حُقوقِهنَّ؛ لتُفارِقوهنَّ. إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أي: يَحِلُّ لكُم -أيُّها الأزواجُ- عَضلُ زَوجاتِكُم والضِّرارُ بهنَّ بالعَدلِ، إذا وقَعنَ في الزِّنا أوِ النُّشوزِ، حتَّى يَفتَدينَ أنفُسَهنَّ مِنكُم بالتَّنازُلِ عن بَعضِ حُقوقِهنَّ -كالمَهرِ أو بَعضِه- مِن أجلِ أن تُفارِقوهنَّ. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ أي: صاحِبوا -أيُّها الأزواجُ- زَوجاتِكُم كَما أمَرَكُمُ اللَّهُ تعالى، وذلك بالخُلُقِ الحَسَنِ؛ كالقَولِ الطَّيِّبِ، وكَفِّ الأذى، وبَذلِ الإحسانِ، وحُسنِ الهَيئةِ، وغَيرِ ذلك، وصاحِبوهنَّ بأداءِ حُقوقِهنَّ مِنَ النَّفقةِ والكِسوةِ، وغَيرِ ذلك مِمَّا أمَرَ اللهُ تعالى به، وبما يَتَعارَفُ عليه النَّاسُ ولا يُنكِرُه الشَّرعُ.
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا أي: عاشِروا -أيُّها الأزواجُ- زَوجاتِكُم بالمَعروفِ، وإن كَرِهتُموهنَّ فعَسى أن يَكونَ صَبرُكُم مَعَ إمساكِكُم لهنَّ وكَراهيَتِهنَّ فيه خَيرٌ كَثيرٌ لكُم في الدُّنيا والآخِرةِ؛ كَأولادٍ تُرزَقونَهم مِنهنَّ، أو تَزولُ كَراهَتُكُم لهنَّ، وتَخلُفُها مَحَبَّتُهنَّ، وغَيرِ ذلك يُنظر: ((التفسير المحرر- الدرر السنية)) (3/ 111-114). .

انظر أيضا: