موسوعة الآداب الشرعية

عاشرًا: إسراعُ تجهيزِه


تُستحَبُّ المبادرةُ بتجهيزِ الميِّتِ عندَ تيقُّنِ مَوتِه [1571] ولا بأسَ أن يُنتظَرَ به من يَحضُرُه إن كان قريبًا، ولم يُخْشَ عليه أو يَشُقَّ على الحاضِرينَ؛ لِمَا يُرجَى له بكثرةِ الجَمعِ. يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/328). ، فإنْ شُكَّ في مَوتِه أُخِّرَ وجوبًا [1572] وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ، والحَنابِلةِ. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/232)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/26)، ((المجموع)) للنووي (5/124)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/84). قال الدَّرديرُ: (ومن مات فجأةً أو تحتَ هَدمٍ أو بمرضِ السَّكتةِ؛ فلا يُندَبُ الإسراعُ، بل يجِبُ تأخيرُهم حتى يتحقَّقَ مَوتُهم، ولو يومينِ أو ثلاثةً؛ لاحتمالِ حياتِهم). ((الشرح الكبير)) (1/415). وقال النَّوويُّ: (قال الشافعي: ... فإن مات فجأةً لم يُبادَرْ بتَجهيزِه؛ لئلَّا تكونَ به سكتةٌ ولم يمُتْ، بل يُتْرَكُ حتَّى يَتحقَّقَ مَوتُه... قال الشَّيخُ أبو حامدٍ: هذا الذي قاله الشَّافعيُّ صحيحٌ؛ فإذا مات من هذه الأسبابِ أو أمثالِها [لا] يجوزُ أن يُبادَرَ به، ويجبُ تَركُه والتَّأنِّي به اليومَ واليومينِ والثَّلاثةَ؛ لئلَّا يكونَ مُغمًى عليه، أو غيرَه ممَّا قاله الشَّافعيُّ، ولا يجوزُ دَفنُه حتَّى يتحقَّقَ موتُه). ((المجموع)) (5/125). وقال ابنُ عُثَيمين: (فإن مات فجأةً فإنَّه لا يُسَنُّ الإسراعُ بتجهيزِه؛ لاحتمالِ أن تكونَ غشيةً لا موتًا، والمسألةُ خطيرةٌ؛ لأنَّه لو كانت غشيةً ثمَّ جهَّزْناه ودفنَّاه، ولم تكنْ موتًا، صار في ذلك قتلٌ لنفسٍ، فالواجِبُ إن مات فجأةً أن ننتَظِرَ به). ((الشرح الممتع)) (5/258). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أَسرِعوا بالجِنازةِ)) [1573] أخرجه البخاري (1315) واللفظ له، ومسلم (944). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه إذا كان الإسراعُ في التَّشييعِ مطلوبًا مع ما فيه مِنَ المشَقَّةِ على المُشَيِّعينَ، فالإسراعُ في التَّجهيزِ من بابِ أَولى [1574] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/257). قال ابنُ حَجَرٍ: (قولُه: بالجِنازةِ؛ أي: بِحَمْلِها إلى قَبرِها، وقيل: المعنى بتَجهيزِها؛ فهو أعمُّ مِنَ الأوَّلِ). ((فتح الباري)) (3/184). .
وأمَّا التعليلُ: فلأنَّه أصوَنُ له وأحفَظُ من التَّغيُّرِ [1575] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/84). .

انظر أيضا: