موسوعة الآداب الشرعية

سادسًا: إرجاحُ الوَزنِ


يُستَحَبُّ للبائعِ إرجاحُ [1825] الإرجاحُ مصدرُ أرجَحَ، يُقالُ: أرجَحَ الميزانَ إرجاحًا: أثقَلَه حتَّى مالَ، وأرجَحتُ الرَّجُلَ: أعطيتُه راجِحًا. يُنظر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سِيده (3/ 75)، ((شمس العلوم)) لنشوان الحميري (4/ 2435). الوَزنِ [1826] قال الترمذيُّ: (أهلُ العِلمِ يَستَحِبُّونَ الرُّجحانَ في الوزنِ). ((سنن الترمذي)) (3/ 590). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن سُوَيدِ بنِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جَلبتُ أنا ومَخرَفةُ العَبديُّ بَزًّا [1827] البَزُّ: ضَربٌ مِنَ الثِّيابِ. يُنظر: ((العين)) للخليل (7/ 353). مِن هَجَرٍ [1828] هجرٌ: اسْمُ بَلَدٍ، قيل: هي بَلدٌ باليَمَنِ. وهي أيضًا اسمٌ لجَميعِ أرضِ البَحرينِ، وقَريةٌ كانت قُربَ المَدينةِ. يُنظر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص: 496)، ((حاشية السندي على سنن ابن ماجه)) (2/ 25). ، فجاءَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فساوَمَنا [1829] المُساوَمةُ: المجاذَبةُ بَينَ البائعِ والمُشتري على السِّلعةِ وفَصلِ ثَمَنِها. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 425). بسَراويلَ، وعِندي وزَّانٌ يَزِنُ بالأُجرةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للوزَّانِ: زِنْ وأرجِحْ [1830] أرجَحَ الميزانَ: أثقَلَه حتَّى مالَ. يُنظر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سِيده (3/ 75). ) [1831] أخرجه أبو داود (3336)، والترمذي (1305) واللَّفظُ له، والنسائي (4592). صَحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5147)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/277)، وابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (113)، والذهبي في ((فنون اللباس)) (141)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (10/284)، وقال الترمذي: حسن صحيح. .
قال ابنُ حِبَّانَ: (أرادَ به مِن مالِه ليُعطيَ ثَمَنَ السَّراويلِ راجِحًا) [1832] ((الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان)) (11/ 548). .
وقال الطِّيبيُّ: (فيه بَيانُ تَواضُعِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ حَيثُ جاءَ إليهم ماشيًا لا راكِبًا، وساومَهم في مِثلِ السَّراويلِ، وبَيانُ خُلُقِه وكَرَمِه؛ حَيثُ زادَ على القيمةِ، وفيه جَوازُ أُجرةِ الوزَّانِ على وَزنِه) [1833] ((الكاشف عن حقائق السنن)) (7/ 2181). .
قال الصَّنعانيُّ: (وفيه النَّدبُ إلى إرجاحِ الوَزنِ، وهو الزِّيادةُ على القَدرِ) [1834] ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (6/ 322). .
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بِعتُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعيرًا في سَفَرٍ، فلمَّا أتَينا المَدينةَ قال: ائتِ المَسجِدَ فصَلِّ رَكعَتَينِ، فوزَنَ لي فأرجَحَ، فما زال مَعي مِنها شَيءٌ حتَّى أصابَها أهلُ الشَّأمِ يَومَ الحَرَّةِ)) [1835] أخرجه البخاري (2604) واللفظ له، ومسلم (715). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ إرجاحَ الوَزنِ فيه فائِدَتانِ:
 الأولى: أنَّه لا تَتَحَقَّقُ بَراءةُ الذِّمَّةِ في العَدلِ نَفسًا إلَّا بالإرجاحِ، فيَصيرُ قَليل الرُّجحانِ في طَريقِ الورَعِ والعَدلِ كالواجِبِ.
 الثَّانيةُ: أنَّه إحسانٌ إلى مَن له الحَقُّ، وخيارُكُم أحسَنُكُم قَضاءً [1836] ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (6/ 322). .

انظر أيضا: