موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: قَبولُ الحَوالةِ


يُستَحَبُّ قَبولُ الحَوالةِ [1935] الحَوالةُ اصطِلاحًا: نَقلُ الحَقِّ مِن ذِمَّةِ المُحيلِ إلى ذِمَّةِ المُحالِ عليه. يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (5/166)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/134). وقد شُرِعَتِ الحَوالةُ للتَّيسيرِ وتَسهيلِ الاستيفاءِ بَينَ النَّاسِ؛ لأنَّ الشَّخصَ قد لا يَستَطيعُ أن يَقضيَ الدَّينَ الذي عَليه إذا كان مُعسِرًا، فيُحيلُ على شَخصٍ آخَرَ له عَليه دينٌ؛ فهيَ مِن حُسنِ القَضاءِ والاقتِضاءِ؛ لأنَّ المُحالَ إذا قَبِل فقد يَسَّر الأمرَ على المُحيلِ، ولأنَّ المُحيلَ أيضًا إذا أحال صاحِبَ الدَّينِ بدَينِه فهذا مِنَ التَّيسيرِ، وهيَ مِنَ الإحسانِ والمَعروفِ. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/210). وقد أجمَعَ العُلماءُ على مَشروعيَّتِها. يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/417)، ((المغني)) لابن قدامة (4/390)، ((روضة الطالبين)) للنووي (4/228)، ((الذخيرة)) للقرافي (9/241)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/171). والاستحبابُ هو مَذهَبُ المالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، وقَولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/21)، ((روضة الطالبين)) للنووي (4/228)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (18/290). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَطلُ [1936] المَطلُ: مَنعُ قَضاءِ ما استَحَقَّ أداؤُه. يُنظر: ((إكمال المعلم)) لعياض (5/ 233). الغَنيِّ ظُلمٌ، ومَن أُتبِعَ على مَليءٍ [1937] المَليءُ: الثِّقةُ الغَنيُّ. يُنظر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (4/ 352). فلْيَتبَعْ [1938] قال الأزهَريُّ: (أي: إذا أُحيلَ بمالِه على رَجُلٍ آخَرَ مَليءٍ فليحتَلْ عليه وليُطالِبْه بحَقِّه، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 178] أي: فمُطالَبةٌ بالمَعروفِ). ((الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي)) (ص: 154). ) [1939] أخرجه البخاري (2288) واللَّفظُ له، ومسلم (1564). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
يُحمَلُ الأمرُ على النَّدبِ؛ لأنَّه مِن بابِ المَعروفِ والتَّيسيرِ على المُعسِرِ، وهو مُستَحَبٌّ [1940] ((المفهم)) للقرطبي (4/439)، ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (3/485). قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وهذا عِندَ أكثَرِ الفُقَهاءِ نَدبٌ وإرشادٌ لا إيجابٌ). ((التمهيد)) (18/290). . وقياسًا على سائِرِ المُعاوَضاتِ؛ فإنَّها ليسَت على الوُجوبِ [1941] ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد الجد (2/403)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/144). .
وأمَّا التعليلُ: فلأنَّ الحُقوقَ لا تَنتَقِلُ مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ إلَّا بالتَّراضي، فلا يَجِبُ على المُحالِ قَبولُ الحَوالةِ [1942] يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/418). .

انظر أيضا: