موسوعة الآداب الشرعية

تَمهيدٌ في أهميَّةِ البِشارةِ والتَّهنئةِ والفَرقِ بينَهما


البِشارةُ [1971] قال أبو العَبَّاسِ القُرطُبيُّ: (البُشرى: خَبَرٌ بما يَسُرُّ، وسُمِّيَت بذلك لأنَّها تُظهِرُ السُّرورَ في بَشَرةِ المُبَشَّرِ، وأصلُه في الخَيرِ، وقد يُقالُ في الشَّرِّ تَوسُّعًا، كما قال اللهُ تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران: 21] ). ((المفهم)) (6/ 447). وعَن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عَنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه، ومَن كَرِه لَقاءَ اللَّهِ كَرِه اللَّهُ لِقاءَه، قالت عائِشةُ أو بَعضُ أزواجِه: إنَّا لَنَكرَهُ المَوتَ، قال: لَيسَ كَذلك، ولَكِنَّ المُؤمِنَ إذا حَضَرَه المَوتُ بُشِّرَ برِضوانِ اللَّهِ وكَرامَتِه، فلَيسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَيه مِمَّا أمامَه، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ وأحَبَّ اللَّهُ لِقاءَه، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقوبَتِه، فلَيسَ شَيءٌ أكرَهَ إلَيه مِمَّا أمامَه، فكَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ، وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَه)). أخرجه البخاري (6507) واللَّفظُ له، ومسلم (2683) مُختَصَرًا. والتَّهنِئةُ مِنَ الفِعالِ السَّنيَّةِ، والخِصالِ العَليَّةِ، بهما تُستَمالُ القُلوبُ وتُصطادُ المَودَّةُ، وتَتَأكَّدُ الأُخوَّةُ، وتَزيدُ الأُلفةُ، ألم تَسمَعْ: (فكان كَعبٌ لا يَنساها لطَلحةَ) [1972] أخرجه البخاري (4418)، ومسلم (2769)، ولفظُ البخاري: قال كعبٌ: ((حتَّى دَخَلتُ المَسجِدَ، فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ حَوله النَّاسُ، فقامَ إليَّ طَلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ يُهَروِلُ حتَّى صافحَني وهَنَّاني، واللهِ ما قامَ إليَّ رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرينَ غيرُه، ولا أنساها لطَلحةَ)). ؟
وهما مِن دَلائِلِ صَفاءِ النَّفسِ، وعَلائِمِ حُبِّ الخَيرِ للغَيرِ، وفيهما إدخالٌ للسُّرورِ على المُسلِمينَ.
والفَرقُ بينَهما أنَّ البشارةَ إعلامٌ للمَرءِ بما يَسُرُّه، والتَّهنِئةَ دُعاءٌ له بالخَيرِ فيه بَعدَ أن عَلِمَ به؛ ولهذا لمَّا أنزَل اللهُ تَوبةَ كَعبِ بنِ مالِكٍ وصاحِبَيه ذَهَبَ إليه البَشيرُ فبَشَّرَه، فلمَّا دَخَل المَسجِدَ جاءَ النَّاسُ فهَنَّؤوه [1973] يُنظر: ((تحفة المودود بأحكام المولود)) لابن القيم (ص: 28، 29). .
وفيما يلي بيانُ أهمِّ آدابِ البشارةِ والتهنئةِ:

انظر أيضا: