موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: ألَّا تأخُذَه الحميَّةُ والاستكبارُ عن قبولِ الحقِّ


يَحرُمُ على المَدعوِّ أن تأخُذَه الحميَّةُ والاستكبارُ عن قبولِ الحقِّ.
الدَّليلُ على ذلك مِن الكِتابِ والآثارِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة: 204 - 206] .
قولُه: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ أي: إذا أُمِر هذا المنافقُ بتقوى الله عزَّ وجلَّ؛ بامتثالِ ما أمَر به، واجتنابِ ما نهى عنه، ومِن ذلك: تَرْكُ الإفساد في الأرض بالكفر والظُّلم والمعاصي، وإهلاكِ الزُّروع والحيوانات، إذا أُمر بذلك، استكبَر، وأخذَتْه حميَّةٌ بسبب وقوعِه في الآثام، وحملَتْه هذه الأَنَفةُ على ارتكاب المزيدِ من السَّيِّئاتِ [2335] ((التفسير المحرر)) إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية (1/ 586). .
قال القاسِميُّ: (قال الحاكِمُ: هذه الآيةُ تَدُلُّ على أنَّ مِن أكبَرِ الذُّنوبِ عِندَ اللهِ أن يُقالَ للعَبدِ: اتَّقِ اللَّهَ، فيَقولُ: عليك نَفسَك.
قال الزَّمَخشَريُّ: ومِنه رَدُّ قَولِ الواعِظِ.
وهذه الآيةُ شَبيهةٌ بقَولِه تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الحج: 72] ) [2336] ((محاسن التأويل)) (2/ 84). .
ب- مِنَ الآثارِ
رُوِيَ عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنَّ مِن أكبَرِ الذَّنبِ أن يَقولَ الرَّجُلُ لأخيه: اتَّقِ اللَّهَ، فيَقولَ: عليك نَفسَك، أنتَ تَأمُرُني ؟!)) [2337] أخرجه الطبراني (9/119) (8587)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7896). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/274): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/1056): رجالُه ثقاتٌ إن كان سعيدُ بنُ وَهبٍ هو الهَمدانيَّ الخيوانيَّ. .

انظر أيضا: