تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
يَنبَغي للمُستَفتي أن يَسألَ عَمَّا يَنفعُه، ويَترُكَ ما لا نَفعَ فيه، فيَترُكَ السُّؤالَ عنِ الألغازِ والأحاجي [2438] أحاجيُّ: جَمعُ أُحجيَّةٍ، وهيَ كَلِمةٌ مُستَغلَقةٌ لفظًا أو مَعنًى، ولُغزٌ يَتَبارى النَّاسُ في حَلِّه. يُنظر: ((تهذيب اللغة)) لأبي منصور الأزهري (5/ 85)، ((تاج العروس)) للزبيدي (37/ 403)، ((معجم اللغة العربية المعاصرة)) لأحمد مختار عمر وفريقه (1/ 451). ، كَما لا يُبادِرُ إن رَأى مُسابَقةً عِلميَّةً شَرعيَّةً بالذَّهابِ إلى المُفتينَ لسُؤالِ الجَوابِ؛ لأنَّ المُسابَقةَ وُضِعَت له للبَحثِ عنِ الجَوابِ مِن مَظانِّه، لا أن يَسألَ عنِ الجَوابِ فيه، ومِمَّا يَنفعُ المُستَفتيَ السُّؤالُ عَمَّا يُشكِلُ عليه مِن أمرِ دينِه، سَواءٌ كان أمرًا رَاجِعًا لمَسألةٍ عَقَديَّةٍ أو مِنَ الفُروعِ الفِقهيَّةِ. فوائِدُ: 1- عن عِكرِمةَ، قال: (قال لي ابنُ عبَّاسٍ: انطَلِقْ فأفتِ النَّاسَ وأنا لك عَونٌ، قال: قُلتُ: لو أنَّ هذا النَّاسَ مِثلُهم مَرَّتَينِ لأفتَيتُهم، قال: انطَلِقْ فأَفتِ النَّاسَ، فمَن جاءَك يَسألُك عَمَّا يَعنيه فأفتِه، ومَن سَألك عَمَّا لا يَعنيه فلا تُفتِه؛ فإنَّك تَطرَحُ عن نَفسِك ثُلُثَي مُؤنةِ النَّاسِ) [2439] يُنظر: ((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (7/ 8)، ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (3/ 327)، ((المدخل إلى السنن الكبرى)) للبيهقي (ص: 440)، ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (41/ 83). . 2- قال الآجُرِّيُّ: (أخبَرَنا جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّندَليُّ، أخبَرَنا الزَّعفرانيُّ، أخبَرَنا عَبدُ الوهَّابِ بنُ عَطاءٍ، عن عِمرانَ بنِ حديرٍ، عن رَفيعٍ أبي كَثيرةَ، قال: قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه يَومًا: سَلوني عَمَّا شِئتُم، فقال ابنُ الكواءِ: ما السَّوادُ في القَمَرِ؟ قال: قاتَلَك اللهُ! ألَا سَألتَ عَمَّا يَنفعُك في دُنياك وآخِرَتِك؟ ذاكَ مَحوُ آيةِ اللَّيلِ. أخبَرَنا جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّندَليُّ، أخبَرَنا الفَضلُ بنُ زيادٍ قال: سَمِعتُ أبا عَبدِ اللَّهِ أحمَدَ بنَ حَنبَلٍ رَحِمَه اللهُ يَقولُ لرَجُلٍ ألحَّ عليه في تَعقيدِ المَسائِلِ: فقال أحمَدُ: تَسألُ عن عَبدَينِ رَجُلينِ؟ سَلْ عنِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ شَيئًا تَنتَفِعُ به، ونَحوِ هذا، ما تَقولُ في صائِمٍ احتَلمَ؟ فقال الرَّجُلُ: لا أدري، فقال أبو عَبدِ اللَّهِ: تَترُكُ ما تَنتَفِعُ به، وتَسألُ عن عَبدَينِ رَجُلينِ؟! ثُمَّ حَدَّثَنا عن روحٍ، عن أشعَثَ، عنِ الحَسَنِ في صائِمٍ احتَلمَ: لا شَيءَ عليه. وحَدَّثَنا عن روحٍ، عن حَبيبِ بن ِأبي حَبيبٍ، عن عَمرِو بنِ هَرَمٍ، عن جابِرِ بنِ زَيدٍ، في صائِمٍ احتَلمَ، قال: لا شَيءَ عليه، ولكِن يُعَجِّلُ بالغُسلِ. فلو أدَّبَ العُلماءُ أنفُسَهم وغَيرَهم بمِثلِ هذه الأخلاقِ التي كان عليها مَن مَضى مِن أئِمَّةِ المُسلمينَ انتَفعوا بها وانتَفعَ بهم غَيرُهم، وبارَكَ اللهُ لهم في قَليلِ عِلمِهم، وصاروا أئِمَّةً يُهتَدى بهم) [2440] ((أخلاق العلماء)) (ص: 110، 111). . 3- ذَكَر عياضٌ أنَّ الإمامَ مالكًا كان: (عِندَما يُكثرُ عليه بالسُّؤالِ يَكُفُّ ويَقولُ: حَسْبُكُم، مَن أكثَرَ أخطَأ. وكان يَعيبُ كَثرةَ ذلك وقال: يَتَكَلَّمُ كَأنَّه جَمَلٌ مُغتَلِمٌ، ويَقولُ: هو كَذا هو كَذا، يَهدِرُ في كُلِّ شَيءٍ! وسَأله رَجُلٌ عِراقيٌّ عن رَجُلٍ وَطِئَ دَجاجةً مَيِّتةً فخَرَجَت مِنها بَيضةٌ فأفقست البَيضةُ عِندَه عن فَرخٍ، أيَأكُلُه؟ فقال مالِكٌ: سَل عَمَّا يَكونُ، ودَعْ ما لا يَكونُ. وسَأله آخَرُ عن نَحوِ هذا، فلم يُجِبْه، فقال له: لمَ لا تُجِيبُني يا أبا عَبدِ اللَّهِ؟ فقال له: لو سَألتَ عَمَّا تَنتَفِعُ به أجَبتُك) [2441] ((ترتيب المدارك)) (1/ 190، 191). .