موسوعة الآداب الشرعية

سادِسَ عَشَرَ: إظهارُ نِعمةِ اللهِ في المَلبَسِ


يُستَحَبُّ أن يُظهِرَ العَبدُ نِعمةَ اللهِ عليه في المَلبَسِ [1005] ويَكونُ ذلك مِن غَيرِ خُيَلاءَ ولا سَرَفٍ، ولا بلِباسٍ يُذَمُّ لابِسُه. يُنظر: ((شرح مشكل الآثار)) للطحاوي (8/ 40). قال ابنُ رَجَبٍ: (إنَّما يُذَمُّ مَن تَرَك اللِّباسَ مَعَ قُدرَتِه عليه بُخلًا على نَفسِه، أو كِتمانًا لنِعمةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وفي هذا جاءَ الحَديثُ المَشهورُ: «إنَّ اللَّهَ إذا أنعَمَ على عَبدٍ نِعمةً أحَبَّ أن يُرى أثَرُ نِعمَتِه على عَبدِه»). ((مجموع رسائل ابن رجب)) (4/ 66). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أن يَرى أثَرَ نِعمَتِه على عَبدِه)) [1006] أخرجه الترمذي (2819) واللَّفظُ له، وأحمد (6708). حَسَّنه الترمذي، وابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (32)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (1887)، وصحَّح إسنادَه الحاكم في ((المستدرك)) (7390). .
2- عن أبي رَجاءٍ العُطارديِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: خَرَجَ علينا عِمرانُ بنُ حُصَينٍ وعَليه مِطرَفٌ [1007] المِطرَفُ: الثَّوبُ الذي في طَرَفَيه عَلَمانِ، والميمُ زائِدةٌ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/ 121)، ((الكاشف عن حقائق السنن)) للطيبي (9/ 2911). مِن خَزٍّ [1008] قال القاري: (الخَزُّ: ثَوبٌ مِن حَريرٍ خالصٍ. وقيل: هو الثَّوبُ المَنسوجُ مِن إبْريسَم وصوفٍ، وهو مُباحٌ، فالمُرادُ هنا الثَّاني). ((مرقاة المفاتيح)) (7/ 2795). لم نَرَه عليه قَبلَ ذلك ولا بَعدَه، فقال: ((إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَن أنعَمَ اللهُ عليه نِعمةً، فإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أن يُرى أثَرُ نِعمَتِه على خَلقِه)). وفي لفظٍ: ((يُحِبُّ أن يُرى أثَرُ نِعمَتِه على عَبدِه)) [1009] أخرجه أحمد (19934) واللفظ له، والطبراني (18/135) (281)، والبيهقي (6162). حسنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1020)، وجود إسناده الذهبي في ((المهذب)) (3/1206). وقد ذهب إلى تصحيحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1712). .
3- عن أبي الأحوَصِ، عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، الرَّجُلُ أمُرُّ به فلا يَقْرِيني [1010] القِرى: الإحسانُ إلى الضَّيفِ، قَراه يَقريه قِرًى، وقَرَيتُ الضَّيفَ أَقريه: أطعَمتُه، والقِرى -بالكَسرِ مَقصورًا- ما يُهَيَّأُ للضَّيفِ مِن طَعامٍ ونُزُلٍ. يُنظر: ((العين)) للخليل (5/ 204)، ((مشارق الأنوار)) لعياض (2/ 181). ولا يُضَيِّفُني، فيَمُرُّ بي أفأجزيه؟ قال: لا، أقْرِه. قال: ورَآني رَثَّ الثِّيابِ، فقال: هَل لك من مالٍ؟ قُلتُ: مِن كُلِّ المالِ قد أعطاني اللهُ؛ مِنَ الإبِلِ والغَنَمِ، قال: فليُرَ عليك)) [1011] أخرجه الترمذي (2006) واللفظ له، والنسائي (5223)، وأحمد (17231). صححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (4063)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (17231). .
وفي رِوايةٍ عن أبي الأحوَصِ، عن أبيه ((أنَّه أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ثَوبٍ دُونٍ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألك مالٌ؟ قال: نَعَم، مِن كُلِّ المالِ، قال: مِن أيِّ المالِ؟ قال: قد آتاني اللهُ مِنَ الإبِلِ والغَنَمِ والخَيلِ والرَّقيقِ، قال: فإذا آتاك اللهُ مالًا فليُرَ عليك أثَرُ نِعمةِ اللهِ وكَرامَتِه)) [1012] أخرجها أبو داود (4063)، والنسائي (5224)، وأحمد (15887). صححها الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (5224)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (2/159)، وصحح إسنادها على شرط مسلم في ((مسند أحمد)) (15887). .
4- عن زُهَيرِ بنِ أبي عَلقَمةَ الضَّبعيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ سَيِّئُ الهَيئةِ، فقال: ألك مالٌ؟ قال: نَعَم، مِن كُلِّ أنواعِ المالِ، قال: فليُرَ عليك، فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يُحِبُّ أن يَرى أثَرَه على عَبدِه حَسَنًا، ولا يُحِبُّ البُؤسَ والتَّباؤُسَ)) [1013] أخرجه الحارث كما في ((بغية الباحث)) للهيثمي (570)، والطبراني (5/273) (5308) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/118). صححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (255)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/135). .
5- عن أبي هرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ إذا أنعَمَ على عَبدٍ نِعمةً يُحِبُّ أن يُرى أثَرُ النِّعمةِ عليه، ويَكرَهُ البُؤسَ والتَّباؤُسَ، ويُبغِضُ السَّائِلَ المُلحِفَ [1014] ألحَف السَّائِلُ: ألحَّ. يُقالُ: ليسَ للمُلحِفِ مِثلُ الرَّدِّ. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1426). ، ويُحِبُّ الحَييَّ العَفيفَ المُتَعَفِّفَ)) [1015] أخرجه من طرق أحمد (8107) مختصرًا، وأبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) (1/108)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5791) واللفظ له. صححه بمجموع طرقه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1320)، وحسن سنده في الشواهد شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح مشكل الآثار)) (8/41). .

انظر أيضا: