موسوعة الآداب الشرعية

أولًا: التَّيامُنُ في لُبسِ النَّعلِ


يُستَحَبُّ أنْ يبدأَ باليمينِ عِندَ لُبسِ النَّعلِ، وبالشِّمالِ عِندَ خلعِه [1024] قال النَّوويُّ: (يُستَحَبُّ أن يُبتَدَأَ في لُبسِ الثَّوبِ والنَّعلِ والسَّراويلِ وشِبهِها باليَمينِ مِن كُمَّيه ورِجلَيِ السَّراويلِ، ويَخلعَ الأيسَرَ، ثُمَّ الأيمَنَ، وكذلك الاكتِحالُ، والسِّواكُ، وتَقليمُ الأظفارِ، وقَصُّ الشَّارِبِ، ونَتفُ الإبْطِ، وحَلقُ الرَّأسِ، والسَّلامُ مِنَ الصَّلاةِ، ودُخولُ المَسجِدِ، والخُروجُ مِنَ الخَلاءِ، والوُضوءُ، والغُسلُ، والأكلُ، والشُّربُ، والمُصافَحةُ، واستِلامُ الحَجَرِ الأسودِ، وأخذُ الحاجةِ مِن إنسانٍ، ودَفعُها إليه، وما أشبَهَ هذا، فكُلُّه يَفعَلُه باليَمينِ، وضِدُّه باليَسارِ). ((الأذكار)) (ص: 22). وقال أيضًا: (هذه قاعِدةٌ مُستَمِرَّةٌ في الشَّرعِ، وهيَ أنَّ ما كان مِن بابِ التَّكريمِ والتَّشريفِ؛ كلُبسِ الثَّوبِ والسَّراويلِ والخُفِّ، ودُخولِ المَسجِدِ، والسِّواكِ والاكتِحالِ، وتَقليمِ الأظفارِ وقَصِّ الشَّارِبِ، وتَرجيلِ الشَّعرِ -وهو مَشطُه-، ونَتفِ الإبْطِ وحَلقِ الرَّأسِ، والسَّلامِ مِنَ الصَّلاةِ، وغَسلِ أعضاءِ الطَّهارةِ، والخُروجِ مِنَ الخَلاءِ، والأكلِ والشُّربِ، والمُصافَحةِ واستِلامِ الحَجَرِ الأسودِ، وغَيرِ ذلك مِمَّا هو في مَعناه: يُستَحَبُّ التَّيامُنُ فيه، وأمَّا ما كان بضِدِّه؛ كدُخولِ الخَلاءِ، والخُروجِ مِنَ المَسجِدِ، والامتِخاطِ والاستِنجاءِ، وخَلعِ الثَّوبِ والسَّراويلِ والخُفِّ وما أشبَهَ ذلك: فيُستَحَبُّ التَّياسُرُ فيه، وذلك كُلُّه لكَرامةِ اليَمينِ وشَرَفِها). ((شرح مسلم)) (3/ 160). وقال الحَليميُّ: (وَجهُ الابتِداءِ بالشِّمالِ عِندَ الخَلعِ: أنَّ اللُّبسَ كَرامةٌ؛ لأنَّه للبَدَنِ وِقايةٌ، فلمَّا كانتِ اليُمنى أكرَمَ مِنَ اليُسرى بُدِئَ بها في اللُّبسِ، وأُخِّرَت في الخَلعِ؛ لتَكونَ الكَرامةُ لها أدوَمَ، وحَظُّها مِنها أكثَرَ). ((المنهاج في شعب الإيمان)) (3/ 78). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا انتَعَل أحَدُكُم فليَبدَأْ باليَمينِ، وإذا نَزَعَ فليَبدَأْ بالشِّمالِ، لتَكُنِ اليُمنى أوَّلَهما تُنعَلُ، وآخِرَهما تُنزَعُ)) [1025] أخرجه البخاري (5856) واللَّفظُ له، ومسلم (2097). .
قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (المَعنى فيه -واللَّهُ أعلمُ- تَفضيلُ اليُمنى على اليُسرى بالإكرامِ؛ ألَا تَرى أنَّها للأكلِ دونَ الاستِنجاءِ، فكذلك تُكرَمُ أيضًا ببَقاءِ زينَتِها أوَّلًا وآخِرًا... هذا يُبَيِّنُ لك أنَّ اليُمنى مُكَرَّمةٌ؛ فلذلك يُبدَأُ بها إذا انتَعَل ويُؤَخِّرُها إذا خَلعَ؛ لتَكونَ الزِّينةُ باقيةً عليها أكثَرَ مِمَّا على الشِّمالِ) [1026] ((التمهيد)) (18/ 182). .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه التَّيَمُّنُ في تنَعُّلِه، وترَجُّلِه، وطُهورِه، وفي شأنِه كُلِّه)) [1027] أخرجه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268). .
3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا لَبِستُم وإذا توضَّأتُم فابدَؤوا بأيامِنِكم)) [1028] أخرجه أبو داود (4141)، وأحمد (8652) واللفظ لهما، وابن ماجه (402). صحَّحه ابنُ خزيمة في ((الصحيح)) (1/288)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1090)، والنووي في ((رياض الصالحين)) (297)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/200)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4141). ورُوِيَ بلفظِ: عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا لبِسَ قميصًا بدأ بميامِنِه)). أخرجه الترمذي (1766) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9590)، وابن حبان (5422). صحَّح إسنادَه على شرط الشيخين: شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (5422). وقد ذهب إلى تصحيحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1766). .

انظر أيضا: