موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: ألَّا يكونَ فيه تشَبُّهٌ بالكُفَّارِ [1050] ذَكَر ابنُ تَيميَّةَ أنَّ مُفارقةَ المُسلِمين للمُشرِكين في اللِّباسِ والشُّعورِ والأسماءِ والمراكِبِ والكلامِ ونحوِ ذلك أمرٌ مطلوبٌ للشَّارعِ، وبَيَّن أنَّ مُشابهةَ غَيرِ المُسلِمين في الظَّاهِرِ سَبَبٌ ومَظِنَّةٌ لِمُشابهتِهم في عَينِ الأخلاقِ والأفعالِ المذمومة، وقال: (المُشابَهةُ في الظَّاهِرِ تُورِثُ نَوعَ مودَّةٍ ومَحَبَّةٍ ومُوالاةٍ في الباطِنِ، كما أنَّ المَحَبَّةَ في الباطِنِ تُورِثُ المُشابَهةَ في الظَّاهِرِ، وهذا أمرٌ يَشهَدُ به الحِسُّ والتَّجرِبةُ، حتَّى إنَّ الرَّجُلَينِ إذا كانا من بَلَدٍ واحِدٍ، ثمَّ اجتَمَعا في دارِ غُربةٍ، كان بَينَهما من المودَّةِ والائتِلافِ أمرٌ عظيمٌ، وإن كانا في مِصرِهما لم يكونا متعارِفَينِ، أو كانا مُتهاجِرَين؛ وذلك لأنَّ الاشتراكَ في البَلَدِ نَوعُ وَصفٍ اختصَّا به عن بلَدِ الغُربةِ. بل لو اجتَمَع رجُلانِ في سَفَرٍ أو بلَدٍ غَريبٍ، وكانت بينَهما مُشابَهةٌ في العِمامةِ أو الثِّيابِ، أو الشَّعرِ، أو المركوبِ ونحوِ ذلك؛ لكان بينَهما من الائتِلافِ أكثَرُ ممَّا بينَ غَيرِهما، وكذلك تجِدُ أربابَ الصِّناعاتِ الدُّنيويَّةِ يألَفُ بعضُهم بعضًا ما لا يألفون غَيرَهم). ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 549). ويُنظر منه: (1/ 281، 365، 548).


الدَّليلُ على ذلك من السُّنَّةِ:
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((خالِفوا المُشرِكينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وأحْفُوا الشَّوارِبَ)) [1051] أخرجه البخاري (5892) واللفظ له، ومسلم (259). .

انظر أيضا: