موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: اجتِنابُ المَرأةِ الطِّيبَ في حالةِ الإحدادِ


يَحرُمُ على المَرأةِ الطِّيبُ والزِّينةُ في حالةِ الإحدادِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والإجماعِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ:
عن أُمِّ عَطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تُحِدُّ امرَأةٌ على مَيِّتٍ فوقَ ثَلاثٍ إلَّا على زَوجٍ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا، ولا تَلبَسُ ثَوبًا مَصبوغًا إلَّا ثَوبَ عَصْبٍ [1231] العَصْبُ: بُرودٌ يَمَنيَّةٌ، يُعصَبُ غَزلُها -أي: يُجمَعُ ويُشَدُّ- ثُمَّ يُصبَغُ مَعصوبًا ثُمَّ تُنسَجُ، فيَأتي مَوشيًّا لبَقاءِ ما عُصِبَ مِنه أبيَضَ لم يَأخُذْه صِبغٌ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/ 245)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 157). ، ولا تَكتَحِلُ ولا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا إذا طَهُرَت، نُبذةً [1232] النُّبذةُ: القَدرُ اليَسيرُ مِنَ الشَّيءِ. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 157). مِن قُسطٍ [1233] القُسطُ: شَيءٌ مَعروفٌ يُتَبَخَّرُ به. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 157). أو أظفارٍ [1234] الأظفارُ: ضَربٌ مِنَ العِطرِ، ليسَ له واحِدٌ مِن لفظِه. يُنظر: ((جامع الأصول)) لابن الأثير (8/ 157). وقال النَّوويُّ في القُسطِ والأظفارِ: (نَوعانِ مَعروفانِ مِنَ البَخورِ وليسا مِن مَقصودِ الطِّيبِ، رُخِّصَ فيه للمُغتَسِلةِ مِنَ الحَيضِ لإزالةِ الرَّائِحةِ الكَريهةِ، تَتبَعُ به أثَرَ الدَّمِ لا للتَّطَيُّبِ). ((شرح مسلم)) (10/ 119). ) [1235] أخرجه البخاري (313)، ومسلم (938) واللفظ له. .
ب- مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [1236] قال ابنُ المُنذِرِ: (أجمَعَ كُلُّ مَن نَحفظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ إلَّا ما رُوِّيناه عنِ الحَسَنِ: أنَّ المَرأةَ مَمنوعةٌ في الإحدادِ مِنَ الطِّيبِ والزِّينةِ). ((الأوسط)) (9/573). وقال أيضًا: (أجمَعَ كُلُّ مَن يُحفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ أنَّ المَرأةَ مَمنوعةٌ في الإحدادِ مِنَ الطِّيبِ والزِّينةِ، إلَّا ما تَفرَّدَ به الحَسَنُ البَصريُّ في لُبسِ ما يَكونُ زينةً). ((الإقناع)) (2/54). ، وابنُ قُدامةَ [1237] قال ابنُ قُدامةَ: (تَجتَنِبُ الحادَّةُ ما يَدعو إلى جِماعِها، ويُرَغِّبُ في النَّظَرِ إليها ويُحَسِّنُها، وذلك أربَعةُ أشياءَ: أحَدُها: الطِّيبُ، ولا خِلافَ في تَحريمِه عِندَ مَن أوجَبَ الإحدادَ). ((المغني)) (8/155). ، والعَينيُّ [1238] قال العَينيُّ: (أجمَعوا على مَنعِ الأدهانِ المُطَيِّبةِ). ((البناية)) (5/621). ، والشَّوكانيُّ [1239] قال الشَّوكانيُّ: (قَولُه: «ولا تَتَطَيَّب» فيه تَحريمُ الطِّيبِ على المُعتَدَّةِ، وهو كُلُّ ما يُسَمَّى طِيبًا، ولا خِلافَ في ذلك). ((نيل الأوطار)) (6/352). .
ج- من الآثارِ:
عن زَينَبَ قالت: ((دَخَلتُ على أُمِّ حَبيبةَ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ تُوُفِّيَ أبوها أبو سُفيانَ بنُ حَربٍ، فدَعَت أمُّ حَبيبةَ بطِيبٍ فيه صُفرةٌ؛ خَلوقٌ أو غَيرُه، فدَهَنَت مِنه جاريةً، ثُمَّ مَسَّت بعارِضَيها، ثُمَّ قالت: واللهِ ما لي بالطِّيبِ مِن حاجةٍ، غَيرَ أنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: لا يَحِلُّ لامرَأةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ أن تُحِدَّ على مَيِّتٍ فوقَ ثَلاثِ ليالٍ، إلَّا على زَوجٍ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا)) [1240] أخرجه البخاري (5334) واللفظ له، ومسلم (1486). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ الطِّيبَ يُحَرِّكُ الشَّهوةَ، ويَدعو إلى المُباشَرةِ [1241] ((المغني)) لابن قدامة (8/156). .

انظر أيضا: