موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: عَدَمُ تَزويقِ الجُدرانِ وتَزيينِها


يُستَحَبُّ عَدَمُ تَزويقِ الجُدرانِ وتَزيينِها.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن سَفينةَ مَولى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ رَجُلًا أضاف عليَّ بنَ أبي طالِبٍ، فصَنَعَ له طَعامًا، فقالت فاطِمةُ: لو دَعَونا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأكَل مَعنا، فدَعَوه فجاءَ، فوَضَع يَدَه على عِضادَتَيِ [1327] عِضادتا البابِ: هما خَشَبتاه من جانِبَيه. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (2/ 509). البابِ، فرَأى قِرامًا [1328] القِرامُ: السِّترُ، وفي روايةٍ أنَّه كان سِترًا مُوشًّى. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 241). في ناحيةِ البَيتِ فرَجَعَ، فقالت فاطِمةُ لعليٍّ: الحَقْ، فقُلْ له: ما رَجَعَك يا رَسولَ اللهِ؟ قال: إنَّه ليسَ لي أن أدخَلَ بَيتًا مُزَوَّقًا)) [1329] أخرجه أبو داود (3755)، وابن ماجه (3360) واللَّفظُ له، وأحمد (21926). حَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3360)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (439)، وصحح إسناده الحاكم في ((المستدرك)) (2796)، وحسنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3755). .
2- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((رَأيتُه خَرَجَ في غَزاتِه فأخَذتُ نَمَطًا [1330] النَّمَطُ: بِساطٌ لطيفٌ له خَملٌ، وهذا النَّمَطُ هو الذي عُبِّرَ عنه في الرِّوايةِ الأُخرى بـ (الدرنوك)، وهو: السِّترُ كان فيه تَماثيلُ الخَيلِ ذَواتِ الأجنِحةِ. يُنظر: ((المفهم)) لأبي العباس القرطبي (5/ 425، 426)، ((شرح مسلم)) للنووي (14/ 86). فسَتَرتُه على البابِ، فلمَّا قَدِمَ فرَأى النَّمَطَ عَرَفتُ الكَراهيةَ في وَجهِه، فجَذَبَه حتَّى هَتَكَه أو قَطَعَه، وقال: إنَّ اللَّهَ لم يَأمُرْنا أن نَكسوَ الحِجارةَ والطِّينَ. قالت: فقَطَعنا مِنه وِسادَتَينِ وحَشَوتُهما ليفًا، فلم يَعِبْ ذلك عَلَيَّ)) [1331] أخرجه مسلم (2107). .
3- عن مُحَمَّدِ بنِ كَعبٍ، قال: دُعيَ عَبدُ اللَّهِ بنُ يَزيدَ إلى طَعامٍ، فلمَّا جاءَ رَأى البَيتَ مُنَجَّدًا فقَعَدَ خارِجًا وبَكى، قال: فقيل له ما يُبكيك؟! قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا شَيَّعَ جَيشًا فبَلَغَ عَقَبةَ [1332] العَقَبةُ: المَصعَدُ في الجَبَلِ والجَمعُ عِقابٌ، وقيل: العَقَبةُ: الجَبَلُ الطَّويلُ يَعرِضُ للطَّريقِ فيَأخُذُ فيه، وهو طَويلٌ صَعبٌ شَديدٌ. يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 364)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/ 185). الوداعِ قال: أستَودِعُ اللَّهَ دينَكُم وأماناتِكُم وخَواتيمَ أعمالِكُم. قال: فرَأى رَجُلًا ذاتَ يَومٍ قد رَقَعَ بُردةً له بقِطعةٍ، قال: فاستَقبَل مَطلِعَ الشَّمسِ وقال هَكَذا -ومَدَّ يَدَيه، ومَدَّ عَفَّانُ يَدَيه- وقال: تطالَعَت عليكُمُ الدُّنيا، ثَلاثَ مَرَّاتٍ -أي: أقبَلَت- حتَّى ظَنَنَّا أن يَقَعَ علينا! ثُمَّ قال: أنتُمُ اليَومَ خَيرٌ أم إذا غَدَت عليكُم قَصعةٌ وراحَت أُخرى، ويَغدو أحَدُكُم في حُلَّةٍ ويَروحُ في أُخرى، وتَستُرونَ بُيوتَكُم كما تُستَرُ الكَعبةُ، فقال عَبدُ اللهِ بنُ يَزيدَ: أفلا أبكي وقد بَقِيتُ حتَّى تَستُرونَ بُيوتَكُم كما تُستَرُ الكَعبةُ؟!)) [1333] أخرجه أحمد في ((الزهد)) (1094)، وابن أبي شيبة كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (5/115)، والبيهقي (14702) واللفظ له. صحَّح إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (5/499)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2/607)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((المطالب العالية)) (3/381). وقَوله: ((كان رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا شَيَّعَ جَيشًا فبَلغَ عَقَبةَ الوداعِ قال أسَتودِعُ اللَّهَ دينَكُم وأمانَتَكُم وخَواتيمَ أعمالِكم)) أخرجه أبو داود (2601)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10268)، والحاكم (2478) باختلافٍ يسيرٍ، ولفظُ أبي داودَ: عن عبدِ اللهِ الخَطميِّ، قال: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أرادَ أن يَستَودِعَ الجَيشَ قال: أستَودِعُ اللَّهَ دينَكُم وأمانَتَكُم وخَواتيمَ أعمالِكُم)). صَحَّحه النووي في ((المَجموع)) (4/388)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2601)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (888). .
ب- مِنَ الآثارِ:
عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: أعرَستُ [1334] أعرَسَ: كِنايةٌ عنِ النِّكاحِ والبناءِ على الأهلِ، وحَقيقَتُه الإلمامُ بالعُرسِ. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/ 328). في عَهدِ أبي، فآذَنَ [1335] آذَنَ: أعلَمَ، والإيذانُ: الإعلامُ بالشَّيءِ. يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/ 77)، ((جامع الأصول)) لابن الأثير (1/ 574). أبي النَّاسَ، وكان أبو أيُّوبَ فيمَن آذَنَّا، وقد سَتَروا بَيتي ببِجادٍ [1336] البِجادُ: الكِساءُ المُخَطَّطُ، سُمِّي بذلك لتَداخُلِ ألوانِه، مِن قَولِهم: هو عالمٌ ببَجدةِ أمرِه، أي: بدخلتِه، وجَمعُه بُجُدٌ. يُنظر: ((الفائق في غريب الحديث)) للزمخشري (1/ 79)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/ 96). أخضَرَ، فأقبَلَ أبو أيُّوبَ فدخَلَ فرآني قائمًا، فاطَّلَعَ فرأى البيتَ مُستَتِرًا ببِجادٍ أخضَرَ، فقال: يا عبدَ اللهِ، أتَستُرون الجُدُرَ؟! قال أبي واستحيا: غَلَبْنَنا النِّساءُ يا أبا أيُّوبَ! قال: مَن خَشِيَ أنْ يَغلِبْنَه النِّساءُ فلم أخْشَ أنْ يَغلِبْنكَ! ثمَّ قال: لا أطعَمُ لكم طعامًا، ولا أدخُلُ لكم بيتًا، ثمَّ خرَجَ رَحِمَه اللهُ [1337] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم قبل حديث (5181) مختصرًا، وأخرجه موصولًا ابنُ أبي شيبة (25762)، والطبراني (4/119) (3853) واللفظ له. قوَّى إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (9/148)، وجوَّده الألباني في ((آداب الزفاف)) (129). .

انظر أيضا: