موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: التَّسميةُ قَبلَ الشُّربِ


تُستَحَبُّ التَّسميةُ قَبلَ الشُّربِ [1672] قال النَّوويُّ: (... استِحبابُ التَّسميةِ في ابتِداءِ الطَّعامِ، وهذا مُجمَعٌ عليه... وكذا تُستَحَبُّ التَّسميةُ في أوَّلِ الشَّرابِ، بَل في أوَّلِ كُلِّ أمرٍ ذي بالٍ... قال العُلَماءُ: ويُستَحَبُّ أن يَجهَرَ بالتَّسميةِ ليُسمِعَ غَيرَه ويُنَبِّهَه عليها). ((شرح مسلم)) (13/ 188). وقابل بـ: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 522). وقال ابنُ تَيميَّةَ: (شُرِعَتِ التَّسميةُ في افتِتاحِ الأعمالِ كُلِّها؛ فيُسَمِّي اللَّهَ عِندَ الأكلِ والشُّربِ، ودُخولِ المَنزِلِ والخُروجِ مِنه، ودُخولِ المَسجِدِ والخُروجِ مِنه، وغَيرِ ذلك مِنَ الأفعالِ، وهيَ عِندَ الذَّبحِ مِن شَعائِرِ التَّوحيدِ). ((مجموع الفتاوى)) (22/ 392). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عُمَرَ بنِ أبي سَلَمةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كُنتُ غُلامًا في حَجرِ [1673] أي: في تربيتِه وتحتَ نَظَرِه، وأنَّه يربِّيه في حِضنِه تربيةَ الوَلَدِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/ 521). ويُنظر أيضًا: ((إكمال المعلم)) لعياض (6/ 487). رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكانت يدي تَطيشُ [1674] تَطيشُ، أي: تَتَحَرَّكُ وتَمتَدُّ إلى نواحي الصَّحفةِ، ولا تَقتَصِرُ على مَوضِعٍ واحِدٍ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 193). في الصَّحفةِ [1675] الصَّحفةُ دونَ القَصعةِ، وهيَ ما تَسَعُ ما يُشبعُ خَمسةً، فالقَصعةُ تُشبعُ عَشَرةً، وقيل: الصَّحفةُ كالقَصعةِ، وجَمعُها صِحافٌ. يُنظر: ((شرح مسلم)) للنووي (13/ 193). ويُنظر أيضًا: ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1384). ، فقال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينِك، وكُلْ ممَّا يَليك)) [1676] أخرجه البخاري (5376) واللفظ له، ومسلم (2022). .
2- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إذا أكَل أحَدُكم طعامًا فلْيَقُلْ: باسمِ اللهِ، فإنْ نَسِيَ في أوَّلِه فليَقُلْ: باسمِ اللهِ في أوَّلِه وآخِرِه)) [1677] أخرجه أبو داود (3767) باختلاف يسير، والترمذي (1858)، وأحمد (25733) واللفظ لهما. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (5214)، وابن القيم في ((زاد المعاد)) (2/362)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1858)، وصححه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3767)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
3- عن عَبد الرَّحمنِ بنِ جُبَيرٍ، أنَّه حَدَّثَه رَجُلٌ خَدَم رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَمانِ سِنينَ ((أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قُرِّبَ إليه طَعامُه يَقولُ: باسمِ اللهِ...)) [1678] أخرجه أحمد (16595) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6871)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (465). حسن إسناده النووي في ((الأذكار)) (299)، والعيني في ((العلم المهيب)) (464). وقد ذهب إلى تصحيحه ابنُ حَجَرٍ كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/236)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4768)، وصحَّح إسنادَه ابنُ القيم في ((صيغ الحمد)) (1/36)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/454). .
قال النَّوويُّ: (أجمَعَ العُلماءُ على استِحبابِ التَّسميةِ على الطَّعامِ في أوَّلِه... والتَّسميةُ في شُربِ الماءِ واللَّبَنِ والعَسَلِ والمَرَقِ وسائِرِ المَشروباتِ كالتَّسميةِ في الطَّعامِ في جَميعِ ما ذَكَرناه) [1679] ((الأذكار)) (ص: 230). لكِن قال ابنُ حَجَرٍ: (في نَقلِ الإجماعِ على الاستِحبابِ نَظَرٌ، إلَّا إن أُريدَ بالاستِحبابِ أنَّه راجِحُ الفِعلِ، وإلَّا فقد ذَهَبَ جَماعةٌ إلى وُجوبِ ذلك، وهو قَضيَّةُ القَولِ بإيجابِ الأكلِ باليَمينِ؛ لأنَّ صيغةَ الأمرِ بالجَميعِ واحِدةٌ). ((فتح الباري)) (9/ 522). .

انظر أيضا: