موسوعة الآداب الشرعية

تاسعًا: عَدَمُ الشُّربِ مِن الموضعِ المنكَسرِ في الإناءِ


مِن آدابِ الشُّربِ: عَدَمُ الشُّربِ من المَوضِعِ المُنكَسِرِ مِن طَرَفِ الإناءِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الشُّربِ مِن ثُلمةِ [1718] الثُّلمةُ: المَوضِعُ المُنكَسِرُ مِن طَرَفِ الإناءِ. يُنظر: ((المفاتيح)) للمظهري (4/ 536). القَدَحِ، وأن يُنفَخَ في الشَّرابِ)) [1719] أخرجه أبو داود (3722)، وأحمد (11760). صحَّحها لغَيرِها شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3722). وقد ذهب إلى تصحيحها ابنُ حبان في ((صحيحه)) (5315)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3722). .
ذكَر الخَطَّابيُّ أنَّه إنَّما نُهيَ عنِ الشَّرابِ مِن ثُلمةِ القَدَحِ؛ لأنَّه إذا شَرِبَ مِنها تَصَبَّبَ الماءُ وسال قَطرُه على وَجهِه وثَوبِه؛ لأنَّ الثُّلمةَ لا تَتَماسَكُ عليها شَفةُ الشَّارِبِ كما تَتَماسَكُ على المَوضِعِ الصَّحيحِ مِنَ الكوزِ والقدَحِ. وقيل: لأنَّ مَوضِعَ الثُّلمةِ لا يَنالُ التَّنظيفَ التَّامَّ إذا غُسِل الإناءُ، فيَكونُ شُربُه على غَيرِ نَظافةٍ [1720] يُنظر: ((معالم السنن)) (4/ 274). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (هذا مِنَ الآدابِ التي تَتِمُّ بها مَصلحةُ الشَّارِبِ؛ فإنَّ الشُّربَ مِن ثُلمةِ القَدَحِ فيه عِدَّةُ مَفاسِدَ:
أحُدُّها: أنَّ ما يَكونُ على وَجهِ الماءِ مِن قَذًى أو غَيرِه يَجتَمِعُ إلى الثُّلمةِ بخِلافِ الجانِبِ الصَّحيحِ.
الثَّاني: أنَّه رُبَّما شَوَّشَ على الشَّارِبِ، ولم يَتَمَكَّنْ مِن حُسنِ الشُّربِ مِنَ الثُّلمةِ.
الثَّالثُ: أنَّ الوسَخَ والزُّهومةَ تَجتَمِعُ في الثُّلمةِ، ولا يَصِلُ إليها الغَسلُ كما يَصِلُ إلى الجانِبِ الصَّحيحِ.
الرَّابعُ: أنَّ الثُّلمةَ مَحَلُّ العَيبِ في القَدَحِ، وهيَ أردَأُ مَكانٍ فيه؛ فيَنبَغي تَجَنُّبُه وقَصدُ الجانِبِ الصَّحيحِ، فإنَّ الرَّديءَ مِن كُلِّ شَيءٍ لا خَيرَ فيه، ورَأى بَعضُ السَّلفِ رَجُلًا يَشتَري حاجةً رَديئةً، فقال: لا تَفعَلْ؛ أما عَلِمتَ أنَّ اللَّهَ نَزَعَ البَرَكةَ مِن كُلِّ رَديءٍ؟!) [1721] ((زاد المعاد)) (4/ 215، 216). .

انظر أيضا: