موسوعة الآداب الشرعية

تسعٌ وعشرون: البَدءُ عِندَ القُدومِ بالصَّلاةِ في المَسجِدِ


يُستَحَبُّ عِندَ القُدومِ مِنَ السَّفرِ أن يَأتيَ المَسجِدَ القَريبَ إلى مَنزِلِه فيُصَلِّيَ فيه رَكعَتَينِ.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن كَعبِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((... وكان أي: النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قَدِمَ مِن سَفرٍ بَدَأ بالمَسجِدِ، فيَركَعُ فيه رَكعَتَينِ)) [2084] أخرجه البخاري (4418). .
وفي رِوايةٍ: ((كان لا يَقدَمُ مِن سَفرٍ إلَّا نَهارًا في الضُّحى، فإذا قدِمَ بَدَأ بالمَسجِدِ، فصَلَّى فيه رَكعَتَينِ، ثُمَّ جَلسَ فيه)) [2085] أخرجها مسلم (716). .
قال ابنُ بَطَّالٍ: (قال المُهلَّبُ: الصَّلاةُ عِندَ القُدومِ سُنَّةٌ وفَضيلةٌ فيها مَعنى الحَمدِ للهِ على السَّلامةِ، والتَّبَرُّكِ بالصَّلاةِ أوَّلَ ما يَبدَأُ به في حَضَرِه، ونِعمَ المِفتاحُ هيَ إلى كُلِّ خَيرٍ، وفيها يُناجي العَبدُ رَبَّه تعالى، وذلك هَديُ رَسولِ اللهِ وسُنَّتُه، ولنا فيه أكرَمُ الأُسوةِ) [2086] ((شرح صحيح البخاري)) (5/ 243). .
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((خَرَجتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزاةٍ، فأبطَأ بي جَمَلي وأعيا، ثُمَّ قدِمَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَبلي، وقَدِمتُ بالغَداةِ، فجِئتُ المَسجِدَ، فوجَدتُه على بابِ المَسجِدِ، قال: الآنَ حينَ قَدِمتَ؟ قُلتُ: نَعَم، قال: فدَعْ جَمَلَك، وادخُلْ فصَلِّ رَكعَتَينِ. قال: فدَخَلتُ، فصَلَّيتُ، ثُمَّ رَجَعتُ)) [2087] أخرجه البخاري (2097)، ومسلم (715) واللفظ له. .
وفي رِوايةٍ: ((اشتَرى مِنِّي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعيرًا، فلمَّا قدِمَ المَدينةَ أمَرَني أن آتيَ المَسجِدَ، فأُصَلِّيَ رَكعَتَينِ)) [2088] أخرجها مسلم (715). .
قال النَّوويُّ: (في هذه الأحاديثِ استِحبابُ رَكعَتَينِ للقادِمِ مِن سَفرِه في المَسجِدِ أوَّلَ قُدومِه، وهذه الصَّلاةُ مَقصودةٌ للقُدومِ مِنَ السَّفَرِ لا أنَّها تَحيَّةُ المَسجِدِ، والأحاديثُ المَذكورةُ صَريحةٌ فيما ذَكَرتُه) [2089] ((شرح مسلم)) (5/ 228). وقال النَّوويُّ أيضًا: (السُّنَّةُ إذا وصَل مَنزِلَه أن يَبدَأَ قَبلَ دُخولِه بالمَسجِدِ القَريبِ إلى مَنزِلِه، فيُصَلِّيَ فيه رَكعَتَينِ بنيَّةِ صَلاةِ القُدومِ... فإن كان القادِمُ مَشهورًا يَقصِدُه النَّاسُ استُحِبَّ أن يَقعُدَ في المَسجِدِ أو في مَكانٍ بارِزٍ؛ ليَكونَ أسهَلَ عَليه وعلى قاصِديه، وإن كان غَيرَ مَشهورٍ ولا يُقصَدُ ذَهَب إلى بَيتِه بَعدَ صَلاتِه الرَّكعَتَينِ في المَسجِدِ). ((المجموع)) (4/ 399، 400). .

انظر أيضا: