موسوعة الآداب الشرعية

الفَرقُ بَينَ الأدَبِ والخُلُقِ والسُّلوكِ


أمَّا الخُلُقُ فهو عِبارةٌ عن هَيئةٍ لِلنَّفسِ راسِخةٍ تَصدُرُ عنها الأفعالُ بسُهولةٍ ويُسرٍ مِن غَيرِ حاجةٍ إلى فِكرٍ ورَويَّةٍ، فإن كان الصَّادِرُ عنها الأفعالَ الحَسَنةَ كانتِ الهَيئةُ خُلُقًا حَسَنًا، وإن كان الصَّادِرُ مِنها الأفعالَ القَبيحةَ سُمِّيَتِ الهَيئةُ التي هيَ مَصدَرُ ذلك خُلُقًا سَيِّئًا [17] يُنظر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 53)، ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 101). .
وأمَّا السُّلوكُ فهو المَظهَرُ الخارِجيُّ للخُلُقِ؛ فالخُلُقُ حالةٌ راسِخةٌ في النَّفسِ وليس شَيئًا خارِجًا مَظهَريًّا، فالأخلاقُ شَيءٌ يَتَّصِلُ بباطِنِ الإنسانِ، ولا بُدَّ لَنا مِن مَظهَرٍ يَدُلُّنا على هذه الصِّفةِ النَّفسيَّةِ، وهذا المَظهَرُ هو: السُّلوكُ، فنَحنُ نَستَدِلُّ مِنَ السُّلوكِ المُستَمِرِّ لِشَخصٍ ما على خُلُقِه، فالسُّلوكُ دَليلُ الخُلُقِ ورَمزٌ له وعُنوانُه، فإذا كان السُّلوكُ حَسَنًا دَلَّ على خُلُقٍ حَسَنٍ، وإن كان السُّلوكُ سَيِّئًا دَلَّ على خُلُقٍ قَبيحٍ، كما أنَّ الشَّجَرةَ تُعرَفُ بالثَّمَرِ، فكذلك الخُلُقُ الحَسَنُ يُعرَفُ بالأعمالِ الطَّيِّبةِ [18] يُنظر: ((التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية)) لمحمد منير مرسي (ص: 148)، ((الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة)) لسعيد القحطاني (ص: 6). .
والفَرقُ بَينَ الخُلُقِ والسُّلوكِ وبَينَ الأدَبِ: أنَّ الأخلاقَ والسُّلوكَ مِنهما الحَسَنُ المَحمودُ، ومنهما السَّيِّئُ المَذمومُ، أمَّا الأدَبُ فلا يَكونُ إلَّا مَحمودًا حَسَنًا؛ لذا قيل في تَعريفِ الأدَبِ: هو الأخذُ بمَكارِمِ الأخلاقِ.
فالأدَبُ أخَصُّ مِنَ الخُلُقِ والسُّلوكِ مِن هذا الجانِبِ.
أيضًا فالأدَبُ قد يَكونُ مَصدَرُه أحَدَ الأخلاقِ الحَسَنةِ، وقد لا يَكونُ كذلك.

انظر أيضا: