موسوعة الآداب الشرعية

ثالثًا: التَّسميةُ


تستحبُّ التَّسميةُ عندَ الوُضوءِ [19] وهو مذهب الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عندَ الحنابلةِ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/19)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/383)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/224)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/100). وبه قال الثَّوْريُّ، وأبو عُبَيدٍ القاسمُ بنُ سلَّام، وابنُ المُنذِر. يُنظر: ((الطهور)) لأبي عبيد (1/140)، ((الأوسط)) لابن المُنذِر (2/10)، ((المغني)) لابن قدامة (1/76). وقال ابن باز: (الوضوءُ له فرائضُ، وله شرائِطُ، ويُستحبُّ في أوَّلِه التسميةُ). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/66). وقال ابن عثيمين: (التَّسميةُ في الوضوءِ ليسَت بواجبةٍ، ولكنَّها سُنَّةٌ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/116). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، يَبلُغُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لو أنَّ أحدَكم إذا أتَى أهلَه، قال: بِاسمِ اللهِ، اللَّهمَّ جَنِّبْنا الشَّيطانَ، وجنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقْتَنا، فقُضِيَ بيْنَهما وَلَدٌ، لم يَضُرُّه)) [20] أخرجه البخاري (141) واللفظ له، ومسلم (1434). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لَمَّا كان حالُ الوِقاعِ أبعدَ حالٍ مِن ذِكر الله تعالى، ومع ذلك تُسَنُّ التَّسميةُ فيه؛ ففي سائِرِ الأحوالِ بِطَريقِ الأَولى [21] وقد أورده البخاريُّ في كتابِ الوضوءِ بابِ التَّسميةِ على كلِّ حالٍ وعندَ الوقاعِ للتَّنبيهِ على مشروعيَّةِ التَّسميةِ عند الوضوءِ. يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (2/266). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّ التَّسميةَ مشروعةٌ عندَ كثيرٍ من الأمورِ، سواءٌ كانت عبادةً، أو غيرَها؛ فتُشرَعُ عند الأكْلِ، وعند دُخولِ المَنزلِ، والخروجِ منه، وعند الوَطءِ، والغُسلِ [22] لما رُوِيَ عن يَعلَى بنِ أُميَّة، أنَّه قال: (بَيْنما عُمرُ بنُ الخطَّابِ يَغتسِلُ إلى بعيرٍ وأنا أستُرُ عليه بثوبٍ، إذ قال عمرُ: يا يَعلَى، أصبُبُ على رأسي؟ فقلتُ: أميرُ المؤمنينَ أعلمُ، فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ: واللهِ لا يَزيدُ الماءُ الشَّعْرَ إلَّا شعثًا، فسمَّى اللهَ ثمَّ أفاض على رأسِه).  أخرجه الشافعي في ((الأم)) (3/363) واللفظ له، والبيهقي (9206) جوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((مسند الفاروق)) (1/306)، والألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (4/211) ، وغيرِ ذلك من المواضِعِ الَّتي تُشرَع فيها التَّسميةُ؛ فيكونُ الوضوءُ كذلك مِن الأشياءِ الَّتي يُسَنُّ أن تُسبَقَ بالتَّسميةِ [23] ((مجلة البحوث الإسلامية)) (56/182- 184).  وقال ابنُ تيميَّة: (ذِكرُ اسمِ اللهِ مشروعٌ في أوَّل الأفعالِ العاديَّةِ، كالأكلِ والشُّربِ، والنَّومِ، ودخولِ المَنزلِ والخلاءِ؛ فلَأَنْ يُشرَعَ في أوَّلِ العباداتِ أَوْلى). ((شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج)) (1/168). .

انظر أيضا: