موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: غَسْلُ الكَفَّينِ ثلاثًا


يُسَنُّ غَسلُ اليَدينِ إلى الرُّسغَينِ [24] الرُّسغين: جَمع رُسغٍ، وهو مَفصِلُ ما بيْنَ الكفِّ والذِّراع. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/428). في ابتِداءِ الوُضوءِ.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضيَ الله عنه: أنَّه ((دعا بوَضوءٍ [25] الوَضوءُ -بالفتحِ-: الماءُ الذي يُتَوَضَّأُ به. يُنظر: ((الصَّحاح)) للجوهري (1/ 81). فتَوضَّأ، فغَسَل كفَّيه ثلاثَ مرَّات، ثم مضمَضَ واستنثَرَ...، ثمَّ قال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توضَّأَ نحو وُضوئي هذا)) [26] أخرجه البخاري (164)، ومسلم (226) واللفظ له. .
2- عن عَمرِو بن أبي حسَنٍ: أنَّه ((سأل عبدَ الله بنَ زَيدٍ عن وُضوءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدعا بتَورٍ [27] التَّورُ: إناءٌ من حجارةٍ أو غيرِها، مِثلُ القِدرِ، والطَّستِ. يُنظر: ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (1/ 88)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 94). مِن ماءٍ، فتوضَّأ لهم، فكفَأَ على يديه فغَسَلهما ثلاثًا...)) [28] أخرجه البخاري (192) واللفظ له، ومسلم (235). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ [29] استُثنيَ مِن هذا الإجماعِ غَسْلُ الكفَّينِ في الوُضوءِ عندَ القيامِ من النَّومِ؛ قال ابنُ قُدامةَ في غسلِ اليدينِ: (ليس ذلك بواجِبٍ عندَ غيرِ القيامِ مِن النَّومِ، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه، فأمَّا عندَ القيامِ مِن نَوم اللَّيلِ فاختلفَتِ الرِّوايةُ في وُجوبِه؛ فرُويَ عن أحمدَ وُجوبُه، وهو الظَّاهِرُ عنه). ((المغني)) (1/73). على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [30] قال ابن المُنذِر: (أجمَع كلُّ مَن نحفَظُ عنه مِن أهلِ العِلمِ على أنَّ غَسلَ اليَدينِ في ابتداءِ الوُضوءِ سُنَّةٌ يُستحَبُّ استِعمالُها، وهو بالخيارِ؛ إنْ شاء غسلَهما مرَّةً، وإنْ شاء غسَلَهما مرَّتين، وإن شاء ثلاثًا، أيَّ ذلك شاء فعَل، وغَسْلُهما ثلاثًا أحَبُّ إليَّ، وإن لم يفعَلْ ذلك فأدخَلَ يَدَه الإناءَ قبْلَ أن يَغسِلَهما فلا شيءَ عليه، ساهيًا ترَكَ ذلك أم عامدًا، إذا كانتَا نظيفتينِ). ((الأوسط)) (1/374). ، والنَّوَويُّ [31] قال النوويُّ: (... هذا دليلٌ على أنَّ غَسْلَهما في أوَّلِ الوُضوءِ سُنَّةٌ، وهو كذلك باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((شرح صحيح مسلم)) (3/105). .
وأمَّا التَّعليلُ: فلأنَّها التي تُغمَسُ في الإناءِ، وتَنقُلُ الوُضوءَ إلى الأعضاءِ، ففي غَسلِهما إحرازٌ لجَميعِ الوُضوءِ [32] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/ 73). .

انظر أيضا: