موسوعة الآداب الشرعية

ثاني عشرَ: التَّيامُنُ


يُستحَبُّ التَّيامُنُ في غَسلِ أعضاءِ الوُضوءِ [70] لكن مَن قدَّم اليُسرى على اليُمنى، فوُضوؤُه صحيحٌ، ولا إعادةَ عليه، بإلإجماعِ. قال ابنُ المُنذِر: (أجمَعوا على أنْ لا إعادةَ على مَن بدأ بيسارِه قبْلَ يمينِه في الوُضوءِ). ((الإجماع)) (ص: 35). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (أجمَعوا أنَّ مَن غَسَل يُسرى يديه قبْلَ اليُمنى أنَّه لا إعادةَ عليه). ((الاستذكار)) (1/128). وقال ابنُ تيميَّةَ: (لو بدأ في الطَّهارةِ بمياسِرِه قبْلَ مَيامنِه، كان تاركًا للاختيارِ، وكان وُضوؤُه صحيحًا مِن غيرِ نزاعٍ أعلَمُه بيْنَ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (32/209). .
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه توضَّأ فغسَلَ وَجهَه، أخَذ غَرفةً مِن ماءٍ فمضمض بها واستنشَقَ، ثمَّ أخَذ غَرفة مِن ماءٍ فجعَل بها هكذا، أضافها إلى يَدِه الأخرى، فغَسَلَ بهما وجهَه، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ فغَسَل بها يدَه اليُمنى، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ فغسَل بها يدَه اليُسرى، ثمَّ مسَح برأسِه، ثمَّ أخَذ غَرفةً مِن ماءٍ فرَشَّ على رِجْلِه اليُمنى حتَّى غسَلَها، ثمَّ أخَذ غَرفةً أخرى فغسَل بها رِجله -يعني: اليُسرى-، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأُ)) [71] أخرجه البخاري (140). .
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا لَبِستُم وإذا توضَّأتُم، فابدؤوا بأيامنِكم)) [72] أخرجه أبو داود (4141)، وأحمد (8652). صحَّحه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/288)، والنوويُّ في ((المجموع)) (1/382)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4141)، والوادعيُّ على شرط البخاري في ((الصحيح المسنَد مما ليس في الصحيحين)) (1319). ، وفي روايةٍ: ((بميامنِكم)) [73] أخرجها الترمذي (1766) باختلاف يسير، وابن ماجه (402)، وأحمد (8652) واللفظ لهما. صحَّحها ابن حبان في ((صحيحه)) (1090)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/200)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (402)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (1090). .
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه التَّيمُّنُ في تَنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه)) [74] أخرجه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268). .
ب- مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [75] ممن نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ، وأبو الوليدِ الباجيُّ، وابنُ العربيِّ، وابنُ قُدامةَ، والنَّوويُّ، والعَيْنيُّ. قال ابن عبدِ البَرِّ: (أمَّا غَسلُ اليدين، فقد أجمَعوا أنَّ الأفضلَ أن يَغسِلَ اليُمنى قبْلَ اليُسرى، وأجمَعوا أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كذلك كان يتوضَّأُ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يحبُّ التَّيامُنَ في أمرِه كلِّه؛ في وُضوئِه، وانتعالِه، وغيرِ ذلك مِن أمرِه، وكذلك أجمَعوا أنَّ مَن غَسَلَ يُسرى يديه قبْلَ يمناه أنَّه لا إعادةَ عليه). ((التمهيد)) (20/122). وقال أبو الوليد الباجيُّ: (وقوله: "ثمَّ غَسَل يدَه اليمنى، ثمَّ غسَل يدَه اليسرى"، إخبارٌ عن استعماله التَّيمُّنَ في غَسلِه والتَّرتيبِ فيها، ولا خِلافَ أنَّ هذا التَّرتيبَ مُستحَبٌّ، وليس بمستحَقٍّ، والله أعلم). ((المنتقى)) (1/96). وقال ابنُ العربيِّ: (قوله: (فإذا غسَل يديه) فذكَر مجموعَهما؛ ولأجْلِ هذا اتَّفق العلماءُ على سقوطِ التَّرتيبِ بيْنَهما). ((عارضة الأحوذي)) (1/11). قال ابنُ قُدامةَ: (لا خلافَ بين أهلِ العِلمِ -فيما عَلِمْنا- في استحبابِ البُداءةِ باليُمنى... وأجمَعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن بدأ قبل يمينِه). ((المغني)) (1/81). وقال النوويُّ: (تقديمُ الُيمنى سنَّةٌ بالإجماعِ، وليس بواجبٍ بالإجماع؛ قال ابن المُنذِر: أجمعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن يبدأ بيسارِه، وكذا نقَل الإجماعَ فيه آخرون). ((المجموع)) (1/383). وقال العَيْنيُّ في سياق ذِكر بعضِ الفوائدِ: (الخامس: فيه البُداءةُ باليُمنى، وهو سُنَّةٌ بالإجماعِ). ((عمدة القاري)) (2/266). .

انظر أيضا: